12 أغسطس 2020

كيف أصبحت الأردنية «أمينة المعادي» ملكة عالمية للكعب العالي؟

كاتبة صحافية

كيف أصبحت الأردنية «أمينة المعادي» ملكة عالمية للكعب العالي؟

يمكن للمرء أن يشتهر عالميًا من خلال اختراع علمي، أو موهبة أدبية، أو مهارة رياضية مميزة. لكن ليس من السهل على شابة عربية الأصل أن تغزو أمريكا وتتفوق على مصممي باريس بفضل أحذية نسائية ذات كعوب عالية هندسية ومبتكرة. هذا ما نجحت فيه أمينة المعادي، الأردنية التي تنشر كبريات مجلات الموضة صفحات عديدة عنها.

اسمها أمينة المعادي، وهي «متخصصة في الكعوب العالية». هكذا يقدمونها في الأوساط الباريسية المهتمة بالموضة. والمصممون الباريسيون لا يتقبلون بسهولة المنافسة الآتية من الخارج، فكيف إذا كانت من شابة أردنية نجحت في لفت انتباه نجمة الاستعراض ريهانا فاختارتها لكي تكون مصممة الأحذية في شركتها الخاصة للأزياء والتي تحمل علامة «فينتي»؟

 الأردنية «أمينة المعادي» - مجلة كل الأسرة 

السر يكمن في الموهبة. وهناك من المواهب ما يحلّق في سماوات الخيال وهناك ما يغض البصر لكي يراقب الأقدام وما تنتعله من أحذية. وموهبة أمينة هي من النوع الثاني. وهي قد قدمت تصاميم للأحذية التي تتميز بأشكال كعوبها بحث غزت تصاميمها عروض الأزياء ولم يعد أحد يجادل في روعتها واختلافها عما هو معروض في واجهات عواصم الموضة. وإذا كان الثوب هو ما تبحث عنه المرأة الأنيقة فإن الحذاء هو المنصة التي ترفع المشهد عاليًا، أو تخسف به الأرض.

يمكن القول إن أحذية أمينة ليست مجرد وعاء للقدم بل هي من المجوهرات. إنها مرصعة بالأحجار الكريمة التي تتخذ أماكنها فوق أفخر أنواع الجلود البراقة والملونة بألوان طيور الجنة: البنفسجي والأصفر والوردي والتركواز والفستقي. وهناك الحذاء الشفاف المصنوع من شرائط لا لون لها، تتماهى مع لون القدمين وكأن صاحبتها تمشي على وسادة هوائية. وطبعًا، كان لابد لأصحاب شركات الموضة من التهافت على تصاميم أمينة. وهي قد لفتت نظر ريهانا التي تعاقدت معها على إطلاق مجموعة من الأحذية لحساب علامتها التجارية الخاصة، وهو العقد الذي وصفته مجلة «مدام فيجارو» الفرنسية الواسعة الانتشار بالقول «إنها صفحة تُفتح في تاريخ الملكة الجديدة للأحذية ذات الكعب العالي».

كايلي جينر ترتدي حذاءً من تصميم أمينة المعادي 

يتصور البعض أن تصميم علامة جديدة عالمية للأحذية النسائية هو أمر يسير. ففي عرف هؤلاء أن كل الأحذية متشابهة، منذ ظهور الكعب العالي في قصور ملوك فرنسا وحتى يومنا هذا. بل إن هناك حذاء من حضارات العراق القديمة يوصف بأنه الأقدم في التاريخ. لكن النجاح في هذا الميدان المزدحم بالمنافسة الضارية ليس بالقضية السهلة. وقد عرفت أمينة المعادي كيف تتوصل إلى بصمة مميزة لا تخطئها العين. ففي عالم الموضة، كان يمكن للعارفين تمييز تاييرات «شانيل» من أول نظرة. واليوم نستطيع القول إن العين تتعرف إلى كعب أمينة لمجرد رؤية صاحبة الحذاء آتية من بعيد.

قبل سنتين جازفت أمينة بتصميم «الكعب الهرمي» ذي القاعدة المثلثة العريضة والقمة المدببة. ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا الشكل بمثابة توقيعها الخاص الذي تعرف به. ثم راحت الطلبات تنهال عليها في ظاهرة نادرة من ظواهر النجاح الفوري. وبعد سنة واحدة تقريبًا كانت المصممة الأردنية الأصل تتسلم منصب المديرة الفنية لأحذية «فينتي»، وهي العلامة التجارية التي أطلقتها ريهانا بالتعاون مع مجموعة LVMH الفرنسية لتجارة البضائع الراقية. وكانت أولى الثمار 4 تصاميم نزلت إلى الأسواق في يوليو من العام الحالي.

أمينة المعادي مع المغنية ريهانا 

من هي هذه الشابة ذات الذوق الخاص والطموح العالي؟

تبلغ أمينة من العمر 34 عامًا. وهي مولودة في رومانيا لأب أردني وأم رومانية، لذلك ترعرعت بين الأردن ورومانيا، ثم انتقلت إلى إيطاليا لتدرس في المعهد الأوروبي للتصميم في ميلانو. أما النقلة التالية فكانت حين عبرت المحيط واستقرت في نيويورك لتصبح مستشارة للمظهر تتعاون مع مجلات شهيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل «فوج». لكن ذلك العمل لم يكن بمستوى رغباتها وما تود القيام به. وهكذا وجدت في نفسها الشجاعة للتفكير بتأسيس علامتها التجارية الخاصة لتصميم الأحذية. عادت إلى إيطاليا وراحت، طوال عام كامل، تتعرف إلى عالم هذه الصناعة وتدرس خفايا المهنة وأسرارها. إن إيطاليا هو بلد الأحذية الأرقى والأكثر رهافة، وصناعة الجلود فيه شهيرة في العالم كله. وهي قد ذهبت لتقابل الأسطوات المحليين وتتابع تفاصيل الصنعة قبل أن تحقق حلمها عام 2013 بتسجيل العلامة التجارية التي تحمل اسمها، بالتشارك مع صديقة لها.
لفتت تصاميم أمينة المعادي نظر المصمم ألكسندر فوتييه الذي جاء بها لتنجز الأحذية التي ترتديها العارضات أثناء تقديم مجموعته من الأزياء، وهو تعاون ما زال ساريًا حتى اليوم. كما تبنت عارضتا الأزياء الشقيقتان بيلا وجيجي حديد تصاميم أمينة وكان يكفي أن ترتديا أحذية من توقيعها لكي تشتهر العلامة. ثم جاءتها الدفعة الأقوى من الملكة رانيا. فأثناء الزيارة التي قام بها العاهل الأردني وزوجته وولي عهده إلى بريطانيا، ارتدت الملكة الأردنية حذاء من تصميم أمينة المعادي، وذلك خلال اللقاء مع الملكة إليزابيث. لقد عرفت تصاميمها الطريق إلى متجر «هارودز» الفخم في لندن.

الملكة رانيا ترتدي حذاء من تصميم أمينة المعادي

تقول المصممة الأردنية «لم أكن أتوقع هذا النجاح وكل ما كنت أرجوه هو أن يثير عملي إعجاب الناس». والآن، بعد خمس سنوات على بدء مغامرتها، تجد نفسها مدفوعة لرفع سقف طموحاتها وموهبتها الفنية وتقديم تصاميم تعكس شخصيتها وما مرت به من تطورات وتجارب وخبرات. وهي تعترف بأن أحذيتها السابقة كانت جميلة لكنها تفتقد إلى لمسة «لاذعة» وإلى عنصر مبتكر يجعل منها فريدة في ميدانها. ثم اهتدت إلى هذه اللمسة من خلال الكعوب التي تتراوح بين كونها رفيعة وفي الوقت نفسه تستند إلى منصة أو «بلاتفورم»، وهي كعوب هندسية الأشكال، مضلعة ومثلثة ومكعبة ومربعة تدل على صاحبتها من أول نظرة.

 من تصميم أمينة المعادي  - مجلة كل الأسرة 
من تصميم أمينة المعادي 

المواد المستعملة في صناعة الحذاء مختلفة أيضًا. وهي تتراوح ما بين الجلد والساتان والشاموا، مع استخدام الفصوص الزجاجية والأشرطة الملونة في زخرفتها، على غرار كريستيت لوبوتان ومانولو بلاهنيك. ومع ظهور الصور في «انستغرام» توسعت دائرة زبونات أمينة المعادي وشملت الأخوات كارداشيان وصار اسمها يتردد على شفاه أنيقات العالم وشهيراته. صار عدد متابعيها 770 ألف مشترك. وبفضل «انستغرام» وصلتها رسالة كانت كافية لمد جسور التعارف والتعاون بينها وبين ريهانا. فقد كانت تصاميمها قد لفتت نظر جاهليل ويفر، مصمم ثياب نجمة الاستعراض الشهيرة والمدير الفني المساعد لعلامة «فينتي». وتروي أمينة قائلة «كتب لي على حسابي لكي يهنئني ويخبرني بأنه اشترى عدة أزواج من أحذيتي لريهانا. وقد كان لتلك الرسالة ردود أفعال مدهشة وغير متوقعة».

التقط «البابارازي» صورًا لريهانا وهي ترتدي تلك الأحذية. وخلال ذلك كانت تصاميمها قد عرفت طريقها إلى متاجر نيويورك ولندن الراقية، مثل «بيرجدورف جودمان» و«هارودز»، وكذلك تلقت عرضًا من «جاليري لافاييت» في باريس لتسويق تصاميمها. وكانت كل واحدة من تلك الخطوات تعطي دفعات جديدة إلى أمام للمصممة الأردنية الشابة التي تطورت علاقتها مع النجمة العالمية بحيث تعدت مرحلة المجاملات. صارت أمينة مقربة جدًا من مساعد ريهانا وذراعها اليمنى، وقد دعتها هذه الأخيرة لزيارتها ووجدت المرأتان نفسيهما متفاهمتين، أو كما يقال «على الموجة ذاتها». ولا تخفي أمينة بأنها لم تكن معجبة بالعروض الموسيقية التي تقدمها النجمة الباربادوسية فحسب، بل بشخصيتها وأسلوبها في اللبس. فهي قادرة على الظهور بمظهر شديد اللمعان وكأنها كائن كهربائي. وهل هناك ما هو براق ولافت للعين أكثر من أحذية أمينة وكعوبها المثيرة؟
هذا التعاون لن يقتصر على تصاميم قلائل بل من المنتظر أن يستمر لعلاقات أوسع، لاسيما وأن الكل كان معجبًا بالنماذج الأربعة الأولى من الأحذية التي حملت علامة "فينتي".

 من تصميم أمينة المعادي  - مجلة كل الأسرة 

تصاميم أمينة المعادي متوافرة في متجر Ounass في الإمارات.