ربما يكون رشدي أباظة هو أوسم وجه أطل على جماهير السينما العربية في حقبة الخمسينات والستينات وحتى السبعينات من القرن الماضي. وعلى الرغم من موهبته التمثيلية الطبيعية، وإطلالته السينمائية التي لا يختلف عليها اثنان، فإن رشدي أباظة لم يكن يخطط أبداً لأن يصبح نجماً سينمائياً، خاصةً وأنه ينحدر من أسرةٍ عريقة، بل كان يريد الالتحاق بسلاح البحرية أو الطيران، إلا أن القدر كان له رأي آخر.
ميلاده ونشأته الصارمة على يد جدته
وُلد رشدي أباظة في الإسكندرية يوم 3 أغسطس 1926 لأبٍ مصري من عائلة أباظة العريقة ذات الأصول الشركسية، وكانت أمه إيطالية الأصل. تربى رشدي تربية صارمة على يد جدته لأبيه، التي قضى معها معظم طفولته، حيث كان والده يعمل ضابطاً بالشرطة وكان كثير الانتقال من مدينة لأخرى، وعندما بلغ رشدي مرحلة الشباب ذهب لكي يعيش مع والدته في القاهرة.
دخل مجال الفن بالصدفة وتبرأ منه والده
بعد أن تخرج رشدي في كلية سان مارك العريقة، التي ارتادها أيضاً كلٌ من أحمد رمزي وعمر الشريف، كان ينوي الالتحاق بالطيران. لكن ذات ليلة بينما كان يلعب البريدج في أحد النوادي، رآه المخرج أحمد بدرخان وبفضل وسامته الشديدة، عرض عليه بدرخان العمل في التمثيل. عندما علم والد رشدي بالأمر غضب غضباً عارماً، ومنع رشدي من دخول بيته وتبرأ منه لفترة ناهزت العشرة أعوام، حيث إن الأسر الراقية في ذلك الوقت كانت تعتبر العمل بالفن أمراً مرفوضاً رفضاً باتاً.
بداية متعثرة بخلاف التوقعات
كان فيلم «المليونيرة الصغيرة» عام 1949 أمام فاتن حمامة هو أول أفلامه، إلا أن الفيلم لم يحقق النجاح المتوقع. قدم بعده رشدي ثاني أفلامه «امرأة من نار» مع الفنانة كاميليا، التي يقال إنه وقع في حبها أثناء تمثيل هذا الفيلم، إلا أنه لم يحقق أيضاً النجاح المرجو. وبعد مجموعة من الأدوار الصغيرة في بعض الأفلام مثل «دليلة»، و«جعلوني مجرماً»، و«رد قلبي»، و«موعد غرام»، فكر رشدي في السفر لإيطاليا، واحتراف التمثيل هناك. وبالفعل سافر وأمضى هناك 6 أشهر، إلا أنه قرر العودة إلى مصر واستكمال مشواره الفني بها. وبالفعل كان فيلم «امرأة في الطريق» عام 1958 هو البداية الحقيقية لنجومية استمرت نحو 3 عقود، قدم خلالها رشدي أباظة مجموعة من أشهر وأنجح الأفلام في السينما المصرية.
تلقى تهديداً بالقتل عندما أحب كاميليا
صرّحت شقيقة رشدي أباظة، السيدة منيرة أباظة في أحد اللقاءات الصحفية أن أخاها وقع بالفعل في حب الفنانة كاميليا، التي كان معروفاً آنذاك أنها على علاقة بالملك فاروق، وأنه قد تلقى تهديداً بالقتل من الملك فاروق على إثر ذلك. إلا أنها قالت إن رشدي لم يكترث لأمر التهديد، الذي لم ينفذه الملك، وسرعان ما ارتبط رشدي بعد ذلك بتحية كاريوكا.
تزوج 5 مرات واستمرت إحدى زيجاته بضع ساعات
تزوج رشدي خمس مرات، كانت المرة الأولى من تحية كاريوكا، إلا أن هذا الزواج لم تستمر سوى 3 سنوات بسبب صغر سن الاثنين وقلة خبرتهما. والمرة الثانية كانت من زوجته الإنجليزية باربارا التي أنجب منها ابنته الوحيدة قسمت، ولكن زوجته لم تستطع الاعتياد على حياة الشهرة والفنانين، وسرعان ما افتقدت النظام الذي اعتادت عليه، فوقع الطلاق بينهما.
أما الزواج الثالث، والذي كانت أطول زواج لرشدي عمراً، فكان من الفنانة سامية جمال، واستمر لمدة 18 عاماً، انفصلا بعده لأسبابٍ لم يعلنها أبداً أي منهما.
والزواج الرابع كانت من الفنانة صباح، وكان أقصر فترات زواج رشدي، حيث استمر لأقل من 24 ساعة، اضطر بعدها لتطليقها عندما علمت سامية جمال بالأمر.
ثم تزوج رشدي للمرة الأخيرة بعد انفصاله عن سامية، من ابنة عمه نبيلة أباظة، والتي تزوجها بعد إصابته بمرض سرطان المخ الذي تسبب في إنهاء حياته عند سن الـ 54 بعد صراعٍ لم يدم طويلاً مع المرض.