حذر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، من «الزواج السري»، الذي يتورط فيه بعض شبابنا، ويقعون في براثنه من خلال علاقة زوجية وهمية بين شاب وفتاة، وهي علاقة محرمة، لا يقرها شرع، ولا يعترف بها عرف، ويجرمها القانون.
كل زواج يفتقد العلانية ويغيب عنه ولي الأمر يعد علاقة آثمة
أكد د. الطيب أن الزواج السري الباطل شرعاً هو «كل زواج يفتقد علانية حقيقية ويغيب عنه ولي الزوجة»، ومن هنا فكل علاقة تتم بين رجل وامرأة في غياب هذين الشرطين معاً تعد علاقة آثمة لا يقرها شرع.. مشيراً إلى أن هناك «لبساً» في أذهان الكثيرين بين «الزواج العرفي»، المكتمل لشروط الزواج الشرعي وأركانه، ولكنه غير موثق لدى الأجهزة المعنية بالتوثيق في البلاد العربية والإسلامية كالزواج الذي يتم بين أبناء بعض القبائل.. و«الزواج السري»، الذي يتم بين الشباب من طلاب الجامعات وغيرهم، ويفتقد شروط الزواج، فالأول مشروع مع عدم توثيقه، والثاني باطل لعدم توافر شروط الزواج به، وأهمها عدم العلانية، وغياب ولي الزوجة.. وبسبب هذا الخلط حدثت تجاوزات عديدة بين بعض شباب الجامعات، انطلاقاً من أن هناك زواجاً عرفياً وهو «زواج سري»، يتم دون شهود، وغالباً ما يتم بـ«شاهدين وهميين»، حيث يوصي كل منهما بكتمانه، فلا يعلمه إلا الزوج والزوجة والشاهدان فقط، وفي كل أحواله يغيب ولي الزوجة، مع أن أول ما يبطل عقد الزواج هو غياب الولي وعدم معرفته.
وشدد شيخ الأزهر على أن «زواج السر باطل»، دون الدخول في تفصيلات، فزواج البنت بأي صورة من الصور دون علم أبيها وأسرتها زواج باطل، ففي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة نكحت - زوجت نفسها - بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل»، حيث كرر فيه النبي عبارة (فنكاحها باطل) ثلاث مرات، ليؤكد بطلان الزواج الذي يتم دون ولي.
توثيق الزواج الآن أمر لا بد منه لمصلحة البنت
وأوضح شيخ الأزهر، أن «الزواج العرفي»، هو ما ليس موثقاً لكن توافرت فيه أركان وشروط الزواج الصحيحة من (حضور ولي، وشاهدي عدل، وصيغة، ومهر)، فهذا الزواج بهذه الصورة لا يمكن أن يكون حراماً، بل بالعكس هو الصورة الصحيحة لزواج المسلمين من أيام النبي عليه الصلاة والسلام، إلى العهد القريب الذي ظهرت فيه الأحوال الشخصية والتسجيل، حيث لم يكن هناك توثيق، أو قسيمة زواج، وإنما ظهر التوثيق لما خربت الذمم، وأصبح الرجل بإمكانه أن يتزوج امرأة زواجاً شرعياً وتلد منه، ثم يتنكر لهذا الزواج، أو يهرب من الزوجة، ولا يعطيها حقوقها، فأصبحت هناك حاجة إلى توثيقه، وبناء على ذلك، نحن ننصح كل من يشيع بينهم الزواج العرفي من أسر القبائل وغيرهم أن يوثقوا زواج أبنائهم ضماناً للحقوق.
وأكد شيخ الأزهر، أن توثيق الزواج الآن «أمر لا بد منه لمصلحة البنت»، فإن لم يوثقه الزوج ينبغي أن يخضع لعقوبات قانونية - يؤيدها الأزهر - لأن من حق ولي الأمر، أو القائمين على الأمور، أن يقيدوا هذا المباح بشروط ضماناً لمصلحة للطرفين، أو لأحدهما سواء كان الزوج أو الزوجة، «لكن هذا العقد عند الشرع صحيح».
وينتهي د. الطيب إلى أن الأزهر يقر الزواج العرفي بأركانه وشروطه الصحيحة، وعلى رأسها الولي، ولا يقر ولا يعترف بالزواج السري (المسمى بالعرفي الآن) الذي يتم من وراء ظهر الأب والعائلة، ولا تعلم به، ويعده زواجاً باطلاً.. وشدد على خطورة الزواج السري (العرفي الآن) وقال: «لم يعرف في أيامنا ونحن في الجامعات هذا الزواج، حيث لم يكن هذا الانفلات الذي يحدث الآن، ولم تكن هذه الفوضى التي أصبحت تسمى الآن حرية، ولم يكن هذا الخروج عن الأدب والقيم تحت مسمى الحرية».