07 أكتوبر 2020

الأزهر: كشف أسرار العلاقة الزوجية جريمة محرمة شرعًا

فريق كل الأسرة

الأزهر: كشف أسرار العلاقة الزوجية جريمة محرمة شرعًا

لم يتطرق لذهن الزوجة الشابة إطلاقا أن زوجها الذي أحبته وتحدت أسرتها من أجله يدمن عادة سيئة للغاية، وهي كشف تفاصيل علاقته الحميمية بها لأصدقائه، فهو ينقل لهم أدق التفاصيل حتى عندما كانت تسعى لإرضائه في حدود ما أحله الشرع، كان يحكي لأصدقائه عما يفعله معها داخل غرفة نومهما.. حتى التقت الزوجة بزوجة صديق له وروت لها ما نقله لها زوجها، فصدمت الزوجة وأصرت على الطلاق.

أمام محكمة الأحوال الشخصية بمدينة «المنصورة» المصرية رفضت الزوجة اعتذار زوجها وتعهده بعدم الإقدام على هذا السلوك بعد ذلك، وأصرت على إدانته ووصفه بعبارات وأوصاف قاسية أمام القضاة والحضور من أهله وأهلها.. وأمام إصرارها على الطلاق استجابت لها المحكمة وطلقتها «طلاق ضرر»، وليس خلعاً كما طلبت الزوجة، وقال القاضي: لا يجوز تقديم مكافأة لزوج مستهتر بقدسية العلاقة الزوجية وإعفائه من حقوق زوجته المطلقة، فإفشاء أسرار العلاقة الزوجية ضرر يستوجب الطلاق والعقاب، ولذلك فمن حق الزوجة المطلقة هنا أن تأخذ كل حقوقها الزوجية بعد أن أهانها الزوج، وألحق بها ضررا نفسيا واجتماعيا بالغا.. ليخرج الزوج المستهتر من قاعة المحكمة خاسراً زوجة وفية ومخلصة له.

طرحت «كل الأسرة»، هذه الواقعة للمناقشة مع عدد من علماء الأزهر، ليوضحوا الدروس المستفادة منها، ويشرحوا موقف الإسلام من هذه السلوكيات الشاذة والغربية:

الأزهر: كشف أسرار العلاقة الزوجية جريمة محرمة شرعًا

"لا يجوز لأي من الزوجين أن يتحدث في شأن العلاقات الزوجية الخاصة، إلا في حالة واحدة فقط"

د. حامد أبو طالب، أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث في الأزهر، يؤكد تدني أخلاق كل طرف يقدم على كشف خصوصية علاقته بشريك حياته، وينقل أسرار فراش الزوجية للآخرين.. فما بين الزوجين لا يجوز أن يخرج لطرف ثالث حتى في الأمور العادية، إلا في حالات الشقاق بين الزوجين، ويتدخل أقرب الناس إليهما للإصلاح.

ويضيف: وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزواج من الرجل صاحب الخلق والدين (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) لأنه يعرف جيداً كيف يحافظ على كرامة زوجته، ويدرك أن كرامتها من كرامته، والزوج الفاضل ذو الخلق القويم يحافظ على شخصيته وعلى كرامته وكرامة زوجته، ولا يتدنى إلى هذا المستوى من التدهور الأخلاقي، فيروي للآخرين ما يفعله مع زوجته أثناء العلاقة الجنسية فيهين نفسه قبل أن يهينها.
ويؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر، أن إفشاء أسرار العلاقة الزوجية خروج عن القيم والتقاليد والأخلاق وتعاليم الدين، فالحفاظ على خصوصية هذه العلاقة واجب الزوجين، بل الحفاظ على أسرار بيت الزوجية عموماً من واجبات الزوجين، ولذلك ينبغي على كل من الزوجين أن يحفظ سر الآخر خصوصا أمور الفراش، حتى وإن وقع بينهما مشكلات كثيرة انتهت بالطلاق.

وعن الظروف الخاصة التي يجوز فيها الحديث عن خصوصية العلاقة بين الزوجين يقول أستاذ الشريعة الإسلامية في الأزهر: لا يجوز لأي من الزوجين أن يتحدث في شأن العلاقات الزوجية الخاصة، إلا في حالة واحدة فقط، كأن يكون بالزوج عيب يعوقه عن القيام بواجباته الزوجية بشكل طبيعي وتضررت الزوجة من ذلك، ورفض الزوج تطليقها، واضطرت إلى اللجوء للقاضي، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تتحدث أمام هيئة المحكمة، وبعيدا عن أسماع الآخرين، حفاظا على قدسية العلاقة الزوجية.

كشف أسرار العلاقة الزوجية أمر محرم شرعاً

يقول الشيخ علي أبو الحسن الرئيس الأسبق للجنة الفتوى في الأزهر: هذا الفعل محرم شرعاً، لأن مثل هذه التسجيلات - صوتية كانت أو مرئية - يمكن أن تصل إلى أيدي الآخرين، ويشاهدوها ويسمعوها، وفي ذلك فضيحة للزوجين ونشر للمعصية والرذيلة.. والواقع أن من يقدم على هذا العمل هو إنسان مضطرب نفسياً وسيئ خلقياً، فلا يوجد إنسان عاقل يقدم على هذا العمل، سواء عن رضا من الزوجة أو خلسة منها.. وفي يقيني أن الزوج الذي يرتكب هذه الجريمة إنسان غير سوي وغير أمين، وليس جديراً باحترام زوجته واحترام الجميع، والأمر هنا لا ينبغي أن يقف عند حدود المباح والمحظور أو الحلال والحرام والإباحة من عدمها.. بل الأمر يتعلق بجريمة أخلاقية، ينبغي أن يحاسب عليها الزوج لو أقدم على فعلها.

"يرفض الشرع البوح بأسرار العلاقة الزوجية حتى ولو بحسن نية"

د. سعاد صالح، أستاذة الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، تدين سلوك أي زوج يقوم بكشف تفاصيل لقاءات الفراش بينه وبين زوجته أيا كانت الأسباب التي تدعوه لذلك.

وتقول: عقد الزواج يعطي لكل من الزوجين حق الاستمتاع بالآخر في حدود المباح شرعا ودون أن يرتكب محرما، والمحرمات هنا معروفة جيدا لكل زوجين، فالمعاشرة الزوجية السوية مشروعة مهما تعددت أشكالها وأساليبها التي ترضي الطرفين.. لكن حق الاستمتاع المشروع لا يعطي لأي من الزوجين كشف تفاصيل هذه العلاقة للآخرين إلا في الحالات التي حددها الفقهاء وهي العلاج من مرض، أو الإصلاح عند وجود مشكلة.. وفيما عدا ذلك فأسرار الفراش مصانة بسياخ من الأخلاق الكريمة.

وتضيف: أما ما يرتكبه بعض الأزواج من أنماط سلوكية شاذة مثل تصوير الزوج لزوجته أثناء اللقاء الجنسي بينهما، فهذا لا يمكن أن يقره الشرع بأي حال من الأحوال.. كما يرفض الشرع البوح بأسرار تلك العلاقة حتى ولو بحسن نية، ويعتبر تعمد ذلك أو التعود عليه من الأضرار، التي تستوجب الطلاق إذا ما تضررت الزوجة من ذلك ولجأت للقضاء.

وتؤكد د. سعاد أن الحديث مع الأصدقاء والزملاء عما يدور داخل غرف النوم سلوك شاذ سواء صدر من الزوج أو الزوجة، وتقول: الدرس المهم المستفاد من هذه الواقعة أن يدرك كل زوج وزوجة أن العلاقة الزوجية لها حرمتها ومكانتها، فهي علاقة سكن ومودة ورحمة، والله سبحانه وتعالى يقول: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).. وهذه العلاقة لا يمكن أن تستقر وتؤتي ثمارها إلا إذا شعر كل من الزوجين بالأمان التام، وهو يمارس أخص العلاقات العاطفية مع شريك حياته.