13 يوليو 2020

د. هدى محيو تكتب: حديث صعب

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: حديث صعب

يشهد العالم أجمع أزمة اقتصادية عميقة نتيجة ما أصاب جميع المرافق الانتاجية من شلل خلال جائحة كورونا، وما تكشف حتى الآن من إفلاس وإقفال العديد من المؤسسات لن يكون نهاية المطاف، فالأشهر المقبلة التي ستلي انتهاء إجراءات الحجر الصحي ستحمل معها، كما يقول الخبراء، مزيدًا من الأخبار السيئة.

ومن المؤكد أن هذا الوضع الاقتصادي السيء قد أثّر وسيؤثّر في الكثير من العائلات والأسر، حيث أن معيل الأسرة قد يكون فَقَدَ وظيفته أو مؤسسته وانضمّ إلى أفواج العاطلين من العمل، أو صار يعمل، في أفضل الأحوال بنصف راتب.

فكيف والحال هذه باستطاعته أن يفاتح أولاده أو أطفاله حول الضائقة المالية المستجدة حتى لا يثقلوا عليه بطلباتهم ومن دون أن يثقل عليهم بهمومه؟ لا شك في أن هذه المسألة ستحتاج أحاديث عائلية صعبة لمساعدة الأطفال والأولاد الكبار في تحديد آفاق جديدة لتوقعاتهم وآمالهم في هذا العالم الجديد. وبالطبع، ستختلف هذه النقاشات والأحاديث بحسب سن الأطفال والأولاد الكبار وبحسب شخصياتهم وطباعهم، وكذلك بحسب درجة صعوبة الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه الأسرة.

ومهما يكن من أمر، تظل الصراحة هي المطلوبة من دون زرع الخوف في نفوس أولادنا. ليس من واجبنا أن نعدهم بأن الأمور ستتحسن، لأن الأمور جميعها ليست بيدنا، بل من واجبنا أن نبقي في نفوسهم الأمل بأن الوضع قد يتحسن. لكن، قبل هذا وذاك، وحتى يقدر الأهل على التعامل مع قلق الأطفال وتساؤلاتهم، عليهم أولاً أن يتعاملوا مع قلقهم الخاص وآلامهم.

حين نتحدث إلى أطفالنا، علينا أن نحدّد كمية الحقيقة التي نود كشفها، بحسب سن الأطفال وقدرتهم على استيعاب الأخبار السيئة

فإذا ما قلّلوا من شأن هذه الجائحة وتبعاتها التي يواجهها العالم للمرة الأولى في تاريخه المعاصر، انتقلوا فورًا بعدها إلى التقليل من شأن أنفسهم. وقد يشعرون بمزيج من المرارة والخجل لأنهم فقدوا وظيفتهم أو بالرعب من المستقبل ومن استمرار حالة البطالة. 

بيد أن هذه وقائع موضوعية، لا يد لهم فيها، وحتى يتمكنوا من إيجاد حلول تساعدهم على التصدي لها، ويتمكنوا كذلك من مكاشفة أُسَرَهم بما يواجههم، عليهم أولاً ألا يشعروا بالخزي وأن يحتفظوا باحترامهم لأنفسهم. وحين نتحدث إلى أطفالنا، علينا أن نحدّد كمية الحقيقة التي نود كشفها، بحسب سن الأطفال وقدرتهم على استيعاب الأخبار السيئة. لقد سبق ودرّبنا أطفالنا كيف يتعاطون مع الوباء، عبر غسل الأيدي وارتداء الأقنعة الواقية والمحافظة على المسافة الاجتماعية وتعقيم الأسطح والسلع المشتراة، والآن سنعلّمهم كيف يتأقلمون مع واقع اقتصادي مختلف، وهذه فرصة أخرى ليتعلموا درسًا جديدًا حول الحياة كما هي، وليس كما يتخيّلونها أو كما يرونها في الأفلام. أما إذا اخترتم الصمت، فإن خيال أطفالكم سيكون الأقوى وسيجعلهم يرون كوابيس تتغلب على أفظع ما في الواقع من حقائق.

 

مقالات ذات صلة