«النخي»، تلك الحبات الصغيرة المستديرة الجافة من أنواع الحمص، والتي تباع على هيئة مكسرات، تجذب الأشخاص بحضورها الدائم في الفعاليات التراثية ويتزاحمون حول الباعة لشرائها.
انتشر هذا النوع من المكسرات بين سكان إمارة الشارقة وهو ما جعل البعض يأخذ منها مورداً للرزق وأشهرها «السالمية» للمكسرات، تلك المحمصة التي بدأ صاحبها قبل 45 عاماً مشروعه بعربة صغيرة تقف بجوار سينما الشارقة والتي كانت من أولى السينمات في الإمارة آنذاك، فمع حكاية مكان وبداية المشروع يتحدث أنور صادق من الجنسية الهندية عن قصة كفاح والده محمد باوا وعربة المكسرات التي أصبحت جزءاً من تراث الدولة وكذلك قصة الكشك الذي يلازمها.
كان محمد باوا عصامياً بنى نفسه بنفسه، ترك محله الصغير في الهند بحثاً عن مورد رزق يدر عليه مزيداً من المال لرعاية أسرته، ولم يجد ملجأ سوى بلده الثاني الإمارات، تلك الدولة التي تفتح أبوابها لاستقبال كل من أراد أن ينعم بخيرها وأمنها، ويقول الابن: «كان عمر والدي آنذاك 41 عاماً بدأ مشروعه بعربة صغيرة يجرها بنفسه حمل عليها بعض بذور اللب والنخي والحلويات ليبيعها لزوار سينما الشارقة الشهيرة والتي اتخذت من منطقة المريجة مكاناً لها، أنشئت تلك السينما في السبعينات من القرن الماضي وكانت من أفخم وأكبر دور العرض في الإمارات في تلك الفترة، وعلى الرغم من مرور السنين إلا أن الناس لم ينسوا العربة الصغيرة، التي تحمل النخي فظلت عالقة في أذهانهم يقصدونها وقتما أرادوا أن يتناولوا تلك الحبوب، لتكون مقصداً لكثير من سكان الشارقة بعد أن أصبحت معلماً سياحياً مضى على وجوده أكثر من 45 عاماً.
ويكمل: لم تعد العربة الصغيرة قادرة على الوفاء بمتطلبات من يقصدها، فأصبح ملحقاً بها كشك صغير يوفر للناس احتياجاتهم ومتطلباتهم من المكسرات وعلى رأسها النخي وظل الوضع هكذا سنين طويلة حقق والدي من وراء هذا المشروع الصغير الكثير وكان أهم شيء هو حب الناس له وارتباطهم بالعربة القديمة التي أصبحت جزءاً من ماضيهم وما يحملونه من ذكريات مرتبطة بها، وعندما فكرت في تطوير المشروع وتحت مشورة والدي بمحل يبيع للناس بجانب النخي كل ما يحتاجونه من المكسرات، أصر هو على أن تظل العربة موجودة حتى وهي مغلقة على أن يخدم الكشك الموجود بجوارها الناس في وقت غلق المحل، كون العربة لم تعد عتبة للرزق بقدر ما أصبحت أحد معالم الشارقة.
تصوير: تانيا رودنسيكيخ