17 سبتمبر 2020

سعاد السويدي.. أول مصورة حياة برية إماراتية وعربية

محررة في مجلة كل الأسرة

 سعاد السويدي.. أول مصورة حياة برية إماراتية وعربية

تبدأ رحلتها بأمنية لتلتقط صوراً تشكل أجمل القصص وتشارك الآخرين أجمل ما تراه عيناها «بعين نمر» كما يصفونها، وكاميرا تزن 5 كيلوجرامات تتنقل في البراري المحفوفة بالمخاطر ترصد اللحظة لتظفر عدستها باقتناء اللقطة النادرة غير مبالية في هدر جزء كبير من وقتها وراحتها، لقبت بأول مصورة حياة برية إماراتية وعربية، هي المهندسة سعاد أحمد السويدي التي قررت التخلي عن عملها في المجال الهندسي لتكون كاميرتها هي رفيقتها وريشتها التي ترسم لها أجمل اللوحات كما تصفها.

كان لنا هذا اللقاء معها:

تصوير: سعاد السويدي

متى اكتشفت موهبتك في التصوير.. وكيف تمكنت من صقلها؟
درست الهندسة في أصعب الجامعات الأمريكية، لم يخطر على مخيلتي في يوم أن أكون مصورة، كما في الكثير من الأحيان لا يمكن للإنسان أن يكتشف موهبته، وهو ما حصل معي فقد لعبت المصادفة دوراً كبيراً في اكتشافها، خلال عرض صور أعمالي الجامعية كان زملائي وإخوتي دائماً ما يشبهون عيني بـ«عين النمر» في الوقت الذي لم يكن لدي فكرة عن أنواع الكاميرات وعدساتها وإعداداتها، من خلال الممارسة أتقنت العمل بها، بعد 8 أعوام، وتمكنت من التعامل مع أعقد الأنواع التي يمكن للإنسان أن يستعملها والوصول لمرحلة يمكنني فيها أن أستنتج الأرقام والإعدادات في ثوان قليلة لأحصل على صورة بجودة عالية، فقد كانت حياتي مزدحمة ولم يكن عندي من الوقت للتعلم، أصبحت الكاميرا رفيقتي، انصب اهتمامي على تصوير الطبيعة منذ البداية وبدأت بتصوير الأشجار والأنهار والغزلان والطيور قرب إحدى البحيرات في أمريكا، لم يكن تصوير الأشخاص من اهتماماتي مع أني نشأت في محيط المجتمع الأمريكي المنفتح إلا أني كنت كثيرة التحرج محافظة على التقاليد العربية التي توارثتها من عائلتي.

وصفتِ بأنك أول إماراتية وعربية تصور الحياة البرية.. ماذا يعني لك ذلك؟
لم أرغب باستخدام شخصية المهندسة سعاد السويدي للتعريف بعملي، أردت أن يتعرفوا إلى سعاد المصورة لذلك لم يكن أي حساب من حساباتي على مواقع التواصل له صلة بمهنتي التي غادرتها، فلم يكن هناك ما يشير إلي سواء صورة شخصية خاصة بي أو صوت، كنت مؤمنة بأن أشارك الآخرين أي شيء جميل تراه عيني، لم أكن أهتم لعدد الإعجابات بصوري ولم يكن اختياري من قبل الشركات المتعاقدة معي على أساس قدر المتابعين بل على تفرد الصور وجودتها، أشعر بالفخر لحصولي على لقب سفيرة لشركة وسترن ديجيتال الأمريكية وممثل لشركة باوب ستريت للعناية بالبيئة وحماية الحيوانات الفطرية كما شاركت في معارض عالمية في كندا ودبي منها الاحتفال بيوم البيئة العالمي ومنحت لقب ملهمة ضمن موسوعة المرأة الإماراتية.

كيف تمكنت من إقناع الأسرة بالسفر والحياة البرية بيئة محفوفة بالمخاطر؟
عندما طلبت مني عائلتي اختيار هدية تخرجي كانت إجابتي هي تذكرة سفر إلى إفريقيا، التي لطالما كان حلم زيارتي لها والتعرف إلى قبائل المسايا التي تسكن كينيا يراودني لسنوات طويلة، كان الرفض مستمراً من قبل العائلة؛ لأنها منطقة غير آمنة لكني لم أتنازل عن تحقيقه لأني مؤمنة أن الإنسان يخسر معركته في الحياة عندما يتنازل عن تحقيق حلمه، زادت الرغبة بعد وصول الكثير من زملائي المصورين لها، وعلى الرغم من معرفتي بعدم رضا والدتي إلا أن إصراري ورغبتي كانا يزدادان، أردت أن أتعرف إلى هذه القبائل كيف تعيش، وإلى المجتمعات التي لم تصلها الحضارة وكيف يفكرون، عزمت على السفر وجاء القرار بعد أن اختارتني شركة وسترن ديجيتال لتمثيلها لأكون أول امرأة إماراتية وعربية تزور هذا المكان.

ما الصورة التي تشعر سعاد السويدي بالنجاح؟
سلسلة صور، عملية اصطياد أنثى الشيتا فريستها، وانتظارها لحظات الفجر ليتبعها أبناؤها لتطعمهم في محمية المسايا في كينيا من أكثر لحظات التصوير التي أشعرتني بالارتباك والسعادة الغامرة في الوقت نفسه، مثل هذه الصور لا يمكن الحصول عليها كل يوم فهي تحتاج إلى التركيز ووضع الإعدادات التي تتناسب وسرعتها التي تتجاوز 120 كيلومتراً في الساعة، هذه السلسة تم عرضها في معرض الصيد والفروسية الذي منحت فيه مساحة لعرض قصتين كانتا على شكل لوحات لصور متسلسلة تتكلم عن قصة حيوان.

هل يحتاج مصور الحياة البرية لمعلومات مسبقة عن المكان.. وهل تقصدين الأماكن لأهداف محددة؟ 
بالتأكيد كمصورة للحياة البرية أحتاج لأن أطلع على المعلومات التاريخية للمحمية التي أقصدها، ودائماً ما تبدأ الرحلة بأمنية وحلم تكون خطوتها التالية كيفية الحصول على المساعدة للوصول وتوفير الاحتياجات، في الحياة البرية يشاهد المصور آلاف الحيوانات، لا يمكنني أن أضع سيناريو محدداً للصور كما أني لا أحب طريقة تصوير still life وهذا لا يعني أني ضد من هذه الطريقة، كاميرتي هي ريشة الرسم التي من الممكن في ثانية أن تلتقط صوراً يمكن أن تتشكل منها أجمل القصص.

انعزالي في منطقة الخطر جهة النمر النيبالي وانقطاع الاتصال بعائلتي هو من أصعب ما تعرضت له

ما المخاطر التي واجهتك.. وهل التحدي جزء من شخصيتك؟
زيارة البراري تحتاج من الشخص الكثير من الصبر، تدخل الإنسان بهذه الطبيعة يصل لدرجة الصفر، السكن في خيمة مفتوحة وسط البرية دون أدنى مستوى حماية ويمنع فيها حمل الأسلحة والخروج من الخيمة ليلاً تنعدم فيها الخدمات التكنولوجية، التجوال فيها يكون في سيارات دون شبابيك، انعزالي عن الفريق المرافق لي في النيبال بسبب الفيضان وانحساري في منطقة الخطر جهة النمر النيبالي وانقطاع الاتصال بعائلتي هو من أصعب ما تعرضت له، أحب المغامرة وأشجع عليها لكن بحدود بعيداً عن المجازفة بالنفس.

تصوير: سعاد السويدي

ما الدروس التي تعلمتها من هذا المجال؟
أن أحيا الحياة وأستمتع بلذة تفاصيلها، السعي وراء الحقيقة فما نعيشه في عصر التكنولوجيا مختلف عما هو موجود في الحياة البرية، فالحياة فيها أشياء أعمق وأكبر من التفاصيل التي نعيشها في المكاتب وحياتنا اليومية، إن «الله» خلق الكثير من الأشياء يمكن للإنسان أن يستمتع بها مجاناً كالشروق والغروب أصوات العصافير فهي لا تتطلب منا السفر لها، أن أعيش بجميع حواسي، وأن جميع ما أمر به من دروس صعبة تصقلني لشيء أكبر، أن أكبر عدو للإنسان هو أفكاره التي تمنعه من النجاح، أن التحضر هو ما غير البشرية ووضع الاختلاف، البشر وإن كانوا من لون أو دين أو مذهب واحد لو وضعناهم في غرفة واحدة سيختلفون ويبدأون بوضع تصنيفات جديدة تميزهم عن بعضهم.

لمن تنسبين نجاحك هذا؟
بعد توفيق «الله» سبحانه وتعالى وفضله، إلى أمي التي آمنت في شي لا تراه ولطالما كانت داعمة ومشجعة لي في جميع مراحل حياتي فهي، بفضلها تبوأت مناصب كثيرة وحصلت على شهادات امتياز وعندما قررت أن أترك الهندسة وأكون مصورة كانت أول من وقف إلى جانبي، كما لا يمكنني أن أنسى دعم أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للمرأة الإماراتية.

تصوير: سعاد السويدي
تصوير: سعاد السويدي