4 أكتوبر 2020

قصة «الجزيرة الحمراء» آخر مواقع صيد اللؤلؤ في الخليج

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

قصة «الجزيرة الحمراء» آخر مواقع صيد اللؤلؤ في الخليج

لا تهرب الذاكرة من ملامح الماضي في تلك البقعة، بل تستقر عند قرية تعد آخر مراكز صيد اللؤلؤ في الخليج العربي، وهي.. الجزيرة الحمراء.  تروي تلك القرية حكايات من الخمسينيات والستينيات بـ«الأبيض والأسود» لتلون الحاضر ببهاء تلك الصورة وتواكب أعمال الترميم في مرحلتها الأولى، حيث الهدف يتركز على الحفاظ على روح الجزيرة الحمراء والإبقاء على بعض المباني المهدمة والتي هجرها أهلها وبقيت القرية بمنازلها ومساجدها وأسواقها التقليدية محافظة على معمارها وطبيعة بنائها والمواد المستخدمة، ما أمدها بفرادة الأصالة.

قصة «الجزيرة الحمراء» آخر مواقع صيد اللؤلؤ في الخليج

فقرية الصيد تلك الواقعة في جنوب إمارة رأس الخيمة تواكب نقلة نوعية تتمثل بإعادة ترميمها وتأهيلها، حيث «بدأت دائرة الآثار والمتاحف، ضمن مبادرة وتوجيهات صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، وبالتعاون مع هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة وشركة المرجان، أعمالاً واسعة النطاق لإعادة تأهيل مناطق الجزيرة الحمراء وإعادة أمجادها الماضية، انطلاقاً من الحصن الذي يستضيف مهرجان رأس الخيمة للفنون البصرية»، كما يؤكد أحمد عبيد الطنيجي، مدير عام دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة.

"الجزيرة الحمراء لا تمثل ذاكرة رأس الخيمة فقط، بل ذاكرة الإمارات"

"الجزيرة الحمراء لا تمثل ذاكرة رأس الخيمة فقط، بل ذاكرة الإمارات"

وفي حديثه لـ«كل الأسرة»، يلفت الطنيجي إلى أن قرية الجزيرة الحمراء، أو ما يطلق عليها قرية الزعاب، تعتبر المثال الوحيد الباقي على مستوى الدولة والذي يمثل جانب صيد السمك وتجارة اللؤلؤ في فترة من الفترات التي مرت على هذه المنطقة، متوقفاً عند أبعاد إعادة التأهيل على الصعيدين السياحي والثقافي حيث «إن المنطقة لا تمثل ذاكرة رأس الخيمة فقط، بل ذاكرة الإمارات وذاكرة مرحلة استوطن فيها ابن رأس الخيمة تلك الأرض ومارس طقوس الحياة التي تمارس عادة في القرى البحرية من صيد السمك ورحلات الغوص وتجارة اللؤلؤ وصناعة السفن، ناهيك عن موقعها المميز على بوابة الخليج العربي حيث الكثير من السفن التجارية كانت تقصد المكان في عمليات التبادل التجاري وتموين السفن واستكمال رحلات داخل منطقة الخليج سواء البحرين، الكويت، السعودية والعراق وغيرها».

أحد المواقع الجاذبة لتصوير أفلام هوليوود

الأصالة والتاريخ مفردتان تواكبان «قيامة» تلك القرية ونفض الغبار عن مبانيها التي بقيت على حالها منذ الستينيات من القرن الماضي. فإعادة التأهيل ترتكز على مسلمات أهمها الحفاظ على تفاصيل المنطقة وتاريخها وكذلك على البناء والمواد المستخدمة في المباني لكونها تمثل إرثاً ثقافياً وسياحياً يرتبط بالذاكرة والتاريخ، حيث تضخ تلك التفاصيل الحياة في شرايين الجزيرة التي باتت تمثل منطقة جذب سياحي كما مركز استقطاب زيارات وبعثات أكاديمية وتعليمية، وأصبحت أحد المواقع الجاذبة لتصوير عدد من أفلام هوليوود خلال السنوات الأخيرة، حيث صُورت فيها أفلام من بطولة ممثلين عالميين مثل براد بيت ( آلة الحرب)وريان رينولدز (6 أندر غراوند).

الفيديو الترويجي لفيلم (آلة الحرب) الذي تم تصوير مشاهد منه في منطقة الجزيرة الحمراء


يمكن اعتبار هذا الترميم ترميماً للذاكرة من باب الحفاظ على المكان الوحيد الذي يجسد نمط الحياة التقليدي لما قبل النفط. وفي هذا السياق، يوضح الطنيجي «تم إبقاء قرية اللؤلؤ الأصلية على حالها حيث الكثير من المباني تمثل العديد من مهن الماضي ومنها الغوص وتجارة اللؤلؤ، «بيت بن عمران يعتبر مثالاً حقيقياً لتاجر اللؤلؤ لجهة طبيعة المسكن وطابعه المعماري الفريد ومساحته الكبيرة، حيث يتألف من طابقين والعديد من الغرف ويعتمد البارجيل كنظام تبريد، ما يعكس ثراء صاحب المنزل».

وتقدم منطقة القلعة المفتوحة الكثير من التفاصيل، وهي تجسد منظومة الحماية في الخمسينيات لناحية وجود القلعة والبرج الدائري إلى عدد من الأبراج المنتشرة حيث بعضها ما زال قائماً والبعض الآخر اندثر، وكانت تلك المنطقة تعتبر مركز استقبال الوفود من الخارج سواء لتبادل البضاعة أو لتبادل الزيارات بين الوجهاء وتبادل المعلومات.

فزيارة الجزيرة الحمراء عبارة عن قصة ينتقل فيها الفرد من منطقة إلى أخرى، يقول الطنيجي، ومؤكداً «لن نعمد إلى ترميم كل المباني المتواجدة في المكان لكون بعض المباني ستجسد ملامح الحياة السابقة بعد هجرة الناس، والمباني التي سيتم ترميمها ستوظف كمحال أو متاحف ومدارس لتعليم الحرف ضمن الخطة التطويرية للمنطقة».

صورة تجسد المرحلة الأولى من الترميم
صورة تجسد المرحلة الأولى من الترميم

انتهت المرحلة الأولى من عملية الترميم وقد توزعت على نطاقين:

نطاق يتمحور ناحية القلعة: حيث تم ترميم القلعة، المصلى، عدد من البيوت المتواجدة حولها مع إقامة مرافق للخدمات وموقف سيارات، في حين تم ترميم الجهة المقابلة من الجزيرة الحمراء التي تتضمن عدداً من المنازل والمحال التجارية والمساجد الأثرية ضمن خطة توفير خدمات الكهرباء في تلك المساجد والتكييف لإقامة شعائر الصلاة فيها و«قد عثر في إحدى هذه الحفريات على موقع تم فيه بناء مسجد (الجامع الكبير) بشكل متكرر على نفس الأرض بمعدل سبعة مساجد على مدار أكثر من قرنين، حيث تم ذكر إحدى مراحله في الوثائق البريطانية في القرن الثامن عشر».

النطاق الثاني: وتهدف المرحلة الثانية إلى إيجاد مسارات بين المرحلة الأولى(أ) والثانية (ب) لجهة تسهيل تنقل السائح أو زائر المنطقة عبر ممرات آمنة سواء عبر الترميم أواعتماد نظام تدعيم المباني لضمان سلامتها وحفظ أمن مرتادي هذه المنطقة وإتاحة الفرصة أمامهم للاطلاع على طبيعة المباني بشكلها الأصلي.

*المكان مفتوح للجميع والعديد من الفعاليات تنتظر القادمين

 

مقالات ذات صلة