عندما نتحدث عن الاقتصاد يعتقد البعض أنه أمر يعنى به المتخصصون فقط، وهو نظام صعب يحتاج إلى دراسة ومهارة وخبرة. هذا الأمر يكون حقيقياً عندما نتحدث عن الأنظمة الاقتصادية المعقدة للدول، أو حتى الأنظمة الاقتصادية للشركات والمؤسسات التي تتطلب إدارة مالية كبيرة.
لكن في الواقع، إلى جانب هذا النوع من الاقتصاد المعقد بعض الشيء، هناك ما يسمى بالاقتصاد الذاتي الذي يرتكز على إدارة مالية مصغرة تتراوح بين مدخول واحد وعدة مداخيل. وعندما نتحدث عن الاقتصاد الذاتي يمكن أن نشمل الأطفال وأصحاب الدخل المحدود.
في الظروف العادية يساعد الاقتصاد الذاتي الأشخاص على التفكير بشكل صحيح وتقسيم متوازن للمبالغ المالية التي تدخل إليهم في أي وقت، لكن عندما تأتي الأزمات تتبدل الظروف، فإلى جانب الضائقة المالية والشح في المداخيل، يأتي الخوف من العوز والجوع، والقلق على ما يحمله الغد من صعوبات، إضافة إلى الضغط النفسي الذي يسيّر الأشخاص، فيتحول البعض إلى كثرة الشراء وأحياناً شراء أشياء ليست أساسية. وقد يقوم البعض الآخر بالمبالغة بكمية المشتريات وحفظها في المنزل.
كيف نقتصد ماليًا في أوقات الأزمات؟
via GIPHY
1- استبدال الكماليات بأمور أساسية
بعد أن تأتي الظروف الصعبة على الأشخاص، وبعد أن يمرون بالظروف النفسية المصاحبة لها، يجب أن يبدأ التفكير بما يتناسب مع الدخل المناسب للسيطرة على القلق، والتفكير بمنطق. فعندما يرتفع مستوى الخوف والقلق، يخف مستوى التفكير المنطقي. لذا فإن أي اعتدال في التفكير يساعد على اتخاذ قرارات صحيحة.
عندما تأتي الأزمات من الضروري استيعابها بدل الضياع، تحديداً لمن هم معتادون على نمط حياة معين. فأول ما يجب القيام به هو فهم طبيعة الأزمة وما يحصل مع هؤلاء الأشخاص واستيعاب إن كانت أزمة خاصة أم أزمة وطنية شاملة، ثم التحول إلى ذهنية التخزين والتموين والاكتفاء الذاتي بدلاً من سياسة السهولة بإيجاد المستلزمات. ونعني بذلك محاولة استبدال الكماليات بأمور أساسية، قد توقف الأشخاص منذ زمن عن اعتمادها فيتم الاستبدال بالأمور الأساسية من خلال عملية الإلغاء التدريجي للكماليات.
2- التعاون مع الجيران أو الأقارب على الشراء بالجملة
من الضروري التعاون مع الأشخاص المحيطين، وقد يكون التعاون بين مجموعة من الجيران أو الأقارب على شراء حاجيات بالجملة أي بكميات كبيرة يتم تقسيمها حصصاً، هكذا يعتاد الأشخاص على تخزين كمية مناسبة، وبطبيعة الحال بما أن الشراء هو بالجملة فإن الأسعار تكون أرخص. لهذه الخطوة أكثر من منفعة:
- الحصول على المنتج قبل فقدانه أو ارتفاع أسعاره.
- الحصول عليه بالسعر المناسب.
ولكن حذار من المبالغة في التخزين، لأن معظم الأشياء لها تاريخ انتهاء، وأحياناً إن كان تاريخ الانتهاء قريب من تاريخ الشراء فإن التخزين لن يكون حلاً، بل على العكس سوف يكون مصدراً للهدر بدلاً من التوفير حيث بعد فترة يصبح المنتج تالفاً. لذا فالتخزين في الأزمات له شروطه:
- أولاً: أن تكون المنتجات المخزنة هي مواد أولية مثل الحبوب والمعلبات والزيوت... على أن يكون تاريخ الانتهاء صالح على الأقل لمدة سنة.
- ثانياً: يكون التخزين في مكان مناسب لضمان الجودة. في الوقت عينه عليك التنبه إلى عدم الإكثار من الحاجيات التي تحتاج إلى عناية خاصة، مثل التبريد وغيره، لأنه أحياناً عندما تشتد الأزمات قد ينقطع التيار أو قد تفقد القدرة على تحمل الأعباء المادية الإضافية الناتجة عن استهلاك التيار الكهربائي.
3- وضع قائمة بالأولويات
كلما وضعت لائحة بالأولويات في زمن الأزمات كلما تمكنت أكثر من الاستمرار في مواجهة الأزمة، وكلما تمكنت من السيطرة على الضغط والقلق النفسي الناتج عن الوضع المجهول أو عن مستوى الانحدار الحاصل والذي لا تملك القدرة على توقيفه لكن تملك القدرة على إدارته. واعلم أن الأحوال لا تدوم، فالأزمات والظروف الصعبة هي مراحل تمر على الأشخاص، قد تطول وقد تنتهي بسرعة، لذا كلما تمكن الفرد من إدارة مالية واقتصاد ذاتي مدروس كلما صغر حجم الأضرار المادية والنفسية. وتذكر أيضاً أنه في حال تبدلت أحوال الأشخاص المادية وخفت قدرتهم على الشراء بالشكل المطلوب من الضروري الشرح للأبناء ما يحصل كي يتفهموا الوضع ويكونوا شركاء في السيطرة على المرحلة الصعبة.
اقرأ أيضًا: 8 طرق ذكية لتوفير المال شهريًا