23 يونيو 2021

د. حسن مدن يكتب: المال والقيادة بين النساء والرجال

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، &a

د. حسن مدن يكتب: المال والقيادة بين النساء والرجال
أنغيلا ميركل مع فريق عملها من النساء

قبل أسابيع أثارت «فاينانشال تايمز» قضية ما وصفته بـ«سيطرة الرجال على المناصب القيادية العليا في المهن الاقتصادية»، وعرضت رأي سيدتين تشغلان مواقع قيادية في المجال المالي والاقتصادي هما إيزابيل شنابل، عضوة مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، ومارغاريتيا دلغادو، نائبة محافظ البنك المركزي الإسباني، اللتان أوضحتا بأن دراسة الاقتصاد كانت لفترة طويلة تجلب الرجال أكثر من النساء.

وردت إشارة إلى أنه من أسباب عزوف النساء عن الدراسات الاقتصادية أن المال كان دائماً يعدّ شأناً رجالياً، بينما تميل النساء إلى علم الاجتماع وعلم النفس وغيرها، ولكن هناك تغيّرات في هذا الجانب إذ أصبح عدد من النساء يشغلن مناصب عليا في مؤسسات اقتصادية بارزة عالمياً، ما قد يساعد على تجاوز الأفكار المسبقة وفسح المجال للمزيد من النساء في المهن الاقتصادية.

في بلد أوروبي متقدم، هو ألمانيا، التي تعدّ القوة الاقتصادية الأهم في القارة العجوز، لا يزال الرجال يهيمنون على مجالس إدارات الشركات الكبرى، ولكن مؤخراً صدر قانون يزيد من تبوؤ النساء لمناصب قيادية في الشركات، وفي تصريح لوزيرة العدل قالت: إن «القانون سيتيح وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن أربعة أو أكثر من أعضاء مجلس الإدارة».

مع ذلك فالاستطلاعات تشير إلى أن النساء أنفسهن عازفات عن تولي هذه المناصب، ووفق بعض المعطيات فإن «أكثر من نصف الموظفات يشعرن بأنهن لا يعاملن معاملة عادلة عند الترقيات أو زيادة المرتبات».

لا يتصل الأمر بالمناصب القيادية في عالم المال والأعمال فقط، وإنما يطال كافة المراكز القيادية، دون استثناء، رغم أن ألمانيا عرفت خلال السنوات الماضية ظهور شخصيات نسائية مرموقة في مواقع مهمة في الدولة، على رأسهن المستشارة ميركل التي ستنهي قريباً نحو ستة عشر عاماً من تبوئها المركز السياسي والسيادي الأول في البلاد، كما أن وزيرة الدفاع هناك امرأة، فيما تتولى سيدة ألمانية أخرى رئاسة المفوضية الأوروبية.

وعلى ذكر المستشارة ميركل، فإنها شخصياً ترعى مبادرة تتبناها جمعيات اجتماعية، فضلاً عن العديد من الشركات المبادرة من أجل دعم تحقيق نسب متوازنة بين الرجال والنساء في المناصب القيادية، وفرض ما يمكن اعتباره «كوتا» نسائية ضمن مجالس إدارات الشركات الكبرى.

إذا كان الأمر بهذه الصورة في بلدٍ بمكانة وتطوّر ألمانيا، لنا أن نتخيل الحال في مجتمعات أخرى تعاني بشدّة التمييز الجندري، المنبعث من نظرة دونية تجاه المرأة وقدراتها، وحجم الجهود التي يتعين بذلها، للحدّ من ذلك على الأقل.