نادين جوني ضحية التعنيف الزوجي
«طلبت الطلاق فقتلها»، تلك العبارة ترافق الكثير من حوادث قتل تستهدف المرأة التي تنتفض على واقع تعنيفها أو معايشتها لظروف مطعمة بالذل والمهانة من قبل الزوج. نادين جوني، صبية لم تكمل الـ29 عاماً، قضت ضحية حادث سير، بيد أنه حادث مدبر، كما تقول أختها ندى التي عايشت معركة شقيقتها مع حضانة ابنها بعد طلاقها.
تروي «تزوجت شقيقتي في عمر 18 عاماً وكانت تتعرض للتعنيف الجسدي واللفظي وحتى أن الضغوطات كانت تمارس عليها من قبل الزوج والحماة لوقف مسيرتها في التعليم وبأساليب تجاوزت كل الأخلاقيات لدرجة نصب «مكيدة» لمنعها من ارتياد الجامعة».
تسرد ندى تفاصيل موجعة من حياة أختها نادين «كانت تتعرض للتعنيف أمام طفلها بعمر السنتين، وفي المرة الأخيرة ذهبت إلى الجامعة وعادت إلى المنزل ليشرع الزوج بضربها و«خبطها» على رأسها بمساعدة الحماة وكان كل اهتمام أختي أن تأخذ ابنها ولكنهما عمدا إلى رميها من على الدرج».
اختفى الابن وغابت القضية في متاهة المحكمة حيث تحمّل ندى المسؤولية لـ«السلطة الأبوية والمجتمع الذكوري والقوانين المجحفة في لبنان والتي حرمت أماً من حضانة ابنها، رغم تعرضها لكافة أشكال المهانة والإذلال».
توجز ندى الواقع المهين «كانت تتعرض للتهديد من طليقها بحرمانها من ابنها للأبد وحتى وفاتها في حادث سير أثار الكثير من نقاط الاستفهام حيث إن شقيقتي تلتزم بكل قواعد السلامة المرورية وتقود بحذر وأنا أعتبره حادثاً مفتعلاً ومدبراً».
نادين جوني مع ابنها قبل وفاتها
المرأة لا تستحق أن تكون معنفة أو مهددة وليست ملزمة أن تصبر وتعرض نفسها للخطر على سبيل الفضيلة
تؤكد مها سليم المازمي، مدربة حياة ومدربة معتمدة في التنمية البشرية، هذا الجانب «على المرأة أن تعرف أنها ليست محل تفريغ عنف من قبل الرجل، ورفض المرأة للعنف لا يعني أنها امرأة غير عاقلة أو لا تعرف كيف تدير حياتها وترضي زوجها كما يروج له بعض الجهلاء بالشرع وحقوق المرأة».
توزع المسؤولية على عدة جهات «مسؤولية المؤسسات المعنية توعية الرجال بواجباتهم تجاه المرأة وحقوقها ليكونوا مهيئين ومستوعبين لمفهوم الزواج وكيفية التعامل الصحيح مع الزوجة من قبل المستشارين الأسريين والخبراء وحتى أسرهم وتربيتهم على احترام المرأة».
هذا لا ينفي، وفق المازمي، توعية المرأة بدورها في الحياة الزوجية، وحقوقها وواجباتها ومواجهة أي عنف تتعرض له «المرأة لا تستحق أن تكون معنفة أو مهددة وليست ملزمة أن تصبر وتعرض نفسها للخطر على سبيل الفضيلة حيث الصورة السائدة في مجتمعنا أن المرأة التي تصبر على تعنيف زوجها بالضرب أو الإهانة أو التهديد هي امرأة مثالية وهذا أمر خطأ لأن ديننا الإسلامي يمنع الإهانة للمرأة وتعنيفها».
وتخلص المازمي «في حال رغبت بالطلاق، تتوافر مؤسسات لحماية المرأة من هذه النوعية من الرجال الذين قد يعانون اضطراباً نفسياً أو سلوكياً يصل إلى حد التهديد بالقتل، كما يجب إيجاد قوانين تحمي المرأة وتكون على معرفة بها، تفادياً لتعرضها لأي خطر داهم».
كل من هدد آخر بالقول أو الفعل أو بالإشارة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على عشرة آلاف درهم
يستبعد المحامي محمد بو هارون، مستشار قانوني، أن يشكل التوجه للقتل عند طلب الطلاق ظاهرة «قد تكون حالات فردية لا ترتقي إلى أن تكون ظاهرة مجتمعية وتعد على الأصابع».
يقول «التطور والوعي في مجتمعنا قادا إلى تراجع تلك الحالات، ورغم ذلك قد نجد بعض الحوادث المرتبطة بالتهديد في حالات تبدو فيها المرأة ضعيفة والرجل في موقع قوة أو سلطة أو إذا كان الزوج صاحب فضل عليها».
ينصح المرأة في حال تعرضها للتهديد أن تضع سرها عند «صديقة أمينة لا تفشي سرها، وتحسن التصرف في الأوقات الحرجة عند تعرضها لأي تهديد أو تعمد إلى الاستعانة بجهات الاختصاص في الدولة، تفادياً لوقوع أي جريمة، وتحاول اكتساب بعض مهارات التعامل مع أزواج من هذا النوع باستدعاء جانب الليونة».
ويتوقف بو هارون عند الناحية القانونية حيث تنص المادة 351 من قانون العقوبات حول الجرائم الواقعة على الأشخاص أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات من هدد آخر كتابة أو شفاهة بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو ضد نفس أو مال غيره أو بإسناد أمور خادشة بالشرف أو إفشائها وكان ذلك مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر أو الامتناع عن فعل أو مقصود به ذلك».
كما تورد المادة 352 من القانون نفسه جريمة التهديد الواقعة على الأشخاص «يعاقب بالحبس من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو ضد نفس أو مال غيره أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار أو إفشائها في غير الحالات المبينة في المادة السابقة» وتشرح المادة 353 من القانون نفسه «كل من هدد آخر بالقول أو الفعل أو بالإشارة كتابة أو شفاهة أو بوساطة شخص آخر في غير الحالات المبينة في المادتين السابقتين يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على عشرة آلاف درهم».
اقرأ أيضًا: هل ينصف القانون الإماراتي المرأة المعنفة؟