أخصائية جراحة التجميل د. مشاعل النابودة: كل امرأة هي إنسانة خارقة وقيادية بالفطرة
تصوير: السيد رمضان
حصلت مؤخراً على ماجستير في ريادة التعليم الطبي، كما تشارك في الكثير من الأنشطة التطوعية والمجالات التوعوية منها تقرحات الفراش و«القافلة الوردية» حيث تعايش الكثير من المواقف الصعبة.
في حوارنا مع الدكتورة مشاعل النابودة، جراحة التجميل والحروق والترميم في مستشفى القاسمي، نواكب طفولتها، تخصصها، ملامح من أمومتها، وعلاقتها بأسرتها ورسالتها إلى المرأة الإماراتية.
تصوير السيد رمضان
نبدأ من الطفولة والسمات التي ميزتك؟
أنا الأولى في عائلة مؤلفة من خمس بنات وولدين. خلال طفولتي، كنت أعيش في عالم الخيال لشخوص الروايات التي أقرأها وكنت خجولة جداً. والدي زرع لدي حب القراءة وكنت أتقاضى مصروفاً أسبوعياً فأعمد إلى شراء الكتب، وكان والدي يعطيني البديل المادي كمكافأة، وإلى الآن يهوى القراءة ولديه مكتبته ولدى كل منا مكتبة أو أكثر. وعندما كنت مراهقة، كانت لدي محاولات لكتابة روايات لم أنشرها وبقيت بين زميلاتي وصديقاتي. كنت أحب أن أعيش دور الشخصيات، وأن أقرأ قصصاً بوليسية وأندمج في تفاصيلها وأتمنى أن أزرع حب القراءة في بناتي.
كل هذا الحب للأدب والقراءة واتجهت إلى المجال العلمي؟
درست الطب بناء على رغبة الوالدة وحلمها. كانت والدتي تهوى البرامج الطبية وتتمنى لو عاشت الزمن الذي كانت تستطيع فيه التخصص بمجال الطب. وكوني الابنة الكبرى، تحملت مسؤولية تحقيق حلم والدتي كما أن ابنتي خالاتي من أوائل الطبيبات في الدولة، وشكلتا حافزاً لي لدراسة الطب ودخول هذا المجال.
تهوى القراءة منذ الصغر
لماذا اخترت الطب التجميلي تحديداً؟
أنا أحب الجمال وأتلمسه عند زيارة المتاحف والمعالم. أحب المنحوتات وجمالية الكلمة وكل ما له علاقة بالجمال، وفي العام الأول للتدريب رصدت أن ميولي جراحية أكثر من كونها باطنية وكان الطب التجميلي هو التخصص الأقرب إلى قلبي.
تخصصت حالياً في مجال الليزر (أغلب التدريبات في الإمارات) وفي مجال الخلايا الجذعية على يد الدكتور مارك بيرمان من آباء الطب التجميلي في العالم وقمت بدورات تدريبية في مجال الجروح بالإمارات وخضعت لبرنامجين بالطب التجميلي من الهند.
عند مشاركتي في «القافلة الوردية»، تعرفت إلى سيدات خضن معارك ضد سرطان الثدي واستطعن مقاومة كل التحديات
تشاركين في أنشطة تطوعية ومجالات توعوية وبرامج إذاعية وتلفزيونية، كيف توازنين بين كل هذه الأنشطة؟
أنا من النوع الخجول وزميلتي الدكتورة نورا سليم تشجعني دوماً على خوض التجربة. وبعد خوضها، أجد نفسي أني أتماهى مع الواقع وأنسجم مع البعد التطوعي والتوعوي من باب رد الجميل للوطن. فعند مشاركتي في «القافلة الوردية» مثلاً، تعرفت إلى كثير من السيدات وأوجه تحية لهن كونهن خضن معارك ضد سرطان الثدي واستطعن مقاومة كل التحديات.
ما المواقف التي أحزنتك خلال مشاركتك في«القافلة الوردية»؟
صراحة، ثمة مواقف كثيرة. هناك سيدة من محاربات السرطان أتابعها لليوم، حيث تعافت منه ولكنها أصيبت بانتكاسة، وعلى الرغم من ذلك تتمتع بمعنويات مرتفعة لدرجة نستمد من طاقتها الإيجابية.
سيدة أخرى خضعت للفحص وتبين أن السرطان في مرحلة متقدمة وأصاب جسدها كله حتى الدماغ والعظم، ولكنها ما تزال تبتسم وتتحدث بإيجابية، وكطبيبة أتوقع مآل هذه الحالة ولكن أحاول دعمها ومساعدتها على التمتع بإيجابية.
خلال مشاركتها في «القافلة الوردية»
شاركت في مبادرات اجتماعية ومنها التوعية بتقرحات الفراش، كيف ترصدين هذا الواقع؟
تقرحات السرير من المواضيع المحزنة لأن أغلب طريحي الفراش هم من كبار السن ومن الصعب معالجتها في حال حدوثها، والوقاية منها أفضل من علاجها، فالحركة وتغيير الموضع من أهم طرق الوقاية من تقرحات الفراش.
ما أكثر الحالات التي تستقبلينها في مجال الطب التجميلي؟
بحكم عملي في القطاع الحكومي، أغلب الحالات هي ترميمية أكثر من كونها تجميلية وتتعلق بالجروح المزمنة وأكثرها الحروق، وهي من الحالات الصعبة على القلب خاصة عند رؤية أطفال تعرضوا للحروق. وبعد أن أصبحت أماً، باتت مشاعري أقوى تجاه الوضع لدرجة أتماهى مع الأم ومشاعرها بتأنيب الضمير. فإضافة إلى العناية بالطفل، نحاول مراعاة مشاعر الأم ومن الواجب ترجمة ملامح وجه المريض، وقد نهمل هذا التوجه بحكم ضغط العمل ولكنه محوري في حياة المريض.
كأخصائية ترميم، ما الموقف الأصعب الذي واجهتيه؟
كثير من المواقف عايشتها وأثرت فيَّ. وثمة موقف سردته لي إحدى زميلاتي واستقر في قلبي. طفل تعرض لاعتداء من قبل خادمة صبت عليه مادة كاوية والطفل كبر وما يزال يعاني الإحساس بالضيق، خاصة مع تأثير الحادث على بصره وعلى ملامح وجهه.
عملت في المجال التوعوي عبر «طبيبك يجيبك»، ما الذي أرسته هذه التجربة من توعية عند أفراد المجتمع؟
أحببت تلك التجربة حيث زودتني بالكثير من المعرفة في مواضيع كانت تطرح عليَّ وكنت أعمد إلى البحث والاطلاع لأكون على دراية كافية بكل جوانب الموضوع قبل أن نوعي الناس. كنا نتعلم لتقديم المعلومة الصحيحة للمستمعين بطريقة سلسة وقريبة إلى القلب.
ماذا عن البحث في مجال الخلايا الجذعية وكيف يتم استثمار التكنولوجيا الحديثة؟
بدأنا في مجال الخلايا الجذعية عام 2016 وهي الخلايا الجذعية المستخلصة من الدهون وكنا نرسلها إلى مختبر في دبي والمختبر بدوره يرسلها إلى مختبر في فرنسا ويعيدونها لنا لحقنها وقد استخدمناها لثلاثة مرضى ولاقت نجاحاً كبيراً، بيد أن مسألة الانتظار كانت صعبة وبالأخص أن أغلب المرضى من طريحي الفراش وبعض الأمراض المزمنة.
كنت من ضمن فريق العمل حيث بحثنا عن بدائل وأحدث التقنيات الموجودة إلى أن وصلنا إلى استخلاص الخلايا الجذعية من الأنسجة الدهنية ومعالجتها وزرعها في نفس اليوم، والعملية تأخذ نحو ساعة ونصف الساعة، وأكثر عملية أعطت نتائج ممتازة هي عملية زرع الخلايا الجذعية في الركب وتم استخدامها بشكل أوسع في مجال التجميل، لما تتركه من آثار إيجابية.
وهل تفضلين الطب التجميلي أو مشرط الجراحة؟
أحب الجمال الطبيعي، وكلما كانت المرأة طبيعية، احتفظت بشخصيتها أكثر. بيد أن الدورات التدريبية التي خضعت لها أطلت بي على عالم الجراحة الأنيقة، حيث هناك أطباء أذكرهم وكان دخول العملية الجراحية معهم أشبه بفنان ينحت لشدة الاندماج والأناقة في العمل وبينهم الدكتور بيتر من السويد. عندما أدخل معه العملية كمساعدة، كنت أتعلم منها وأستمتع بالأناقة، حتى خياطة الجرح أشبه بإنجاز عمل فني إلى جانب حرفيته.
ما التكريم الأهم في حياتك؟
التكريم الذي أنتظره هو أن ألتقي بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وأقول له «أنا ابنتك مشاعل النابودة درست واجتهدت لأصل إلى اللقاء بسموك».
ماذا عن أسرتك وكيف توازنين بين عملك وعائلتك؟
لدي ثلاثة أبناء هم: شهد (7 سنوات)، غاية (6 سنوات)، عيسى (3 أشهر). أتمنى أن أكون صديقة لهم، وأحاول ذلك بحيث لا أضغط عليهم، وأفتح باب الحوار معهم دوماً. تعترضني بعض الصعوبات في متابعة غاية وشهد دراسياً، وبعض التقصير خلال فترة «كورونا» وأحاول تعويض ذلك في الفترات التي أتواجد فيها معهما.
أشكر زوجي على دعمه المستمر لي وللأبناء، وهو ساندني للحصول على الماجستير في قيادة التعليم الطبي، كما أن والدتي وأخواتي على أهبة الاستعداد لمساعدتي عندما تستجد الطوارئ عليّ.
مع أبنائها - تصوير السيد رمضان
إلى أي مدى شكل عملك خلال فترة «كورونا» خوفاً على أبنائك؟
الخوف الأكبر كان على طفلتي غاية التي تعاني حساسية في الصدر وكان هاجسي الأكبر أن أنقل أي عدوى من المستشفى. ولا أخفيك سراً أن علاج التوتر عندي هما غاية وشهد، حيث أشعر أني حمّلتهما فوق طاقتهما. فعندما تجداني غير سعيدة، فإنهما تمسكان بكلتا يدي، وتتبادلان الحديث معي. في فترة حملي، كانت غاية تهتم بي وأشعر بتأنيب الضمير كونهما يتحملان فوق عمرها في بعض الأحيان.
ما رسالتك الأهم؟
أشعر أن عندي رسالة لجميع أخواتي المواطنات «لا تدعن أي شيء يقف عائقاً أمام طموحاتكن أو يثبط من عزيمتكن، فكل سيدة هي إنسانة خارقة وقيادية بالفطرة وتتمتع بقوة جسدية وفكرية وعاطفية، والكثير من السيدات، سواء متعلمات أو غير متعلمات، أتعلم منهن ومن صبرهن وجلدهن».
اقرأ أيضًا: الشيخة الدكتورة علياء حميد القاسمي أول إماراتية متخصصة في التجميل النسائي