قال طالب في الدكتوراه: جاء يوم دخل فيه فصلنا معلم مكان معلم آخر سافر لإكمال دراسته العليا، وسألني سؤالاً جعل كل من في الصف يضحكون. كانت خبرة المعلم في هذه المواقف هي التي جعلته يفطن إلى أن الطلاب سخروا مني لأني الطالب الغبي في الصف، والذي أهمله المعلمون تماماً.
وبعد خروج الطلاب ناداني المعلم، وكتب لي بيتاً من الشعر على ورقة، طالباً مني حفظه غيباً، وألا أخبر أحداً عنه. وفي اليوم التالي كتب المعلم بيت الشعر على السبورة وشرحه ثم مسحه، وقال: من حفظ البيت يرفع يده. ورفعت يدي على استحياء، فطلب مني أن أعيد ترديد البيت، وأثنى عليَّ، ودعا الجميع ليصفقوا لي وهم بين مذهول ومندهش.
وخلال أسبوع ومع تكرار المواقف وثناء المعلم والتصفيق من الطلاب، تغيرت نظرتهم ناحيتي فبدأت أثق بنفسي، ووجدتني قادراً على منافسة زملائي، بل والتفوق عليهم، لأنهي الثانوية بمعدل مرتفع، وأدخل الجامعة وأواصل الدراسة حتى وصلت إلى الدكتوراه اليوم.
وقال (ليس براون) المتحدث المعروف في مجال تحسين الذات، إنه عاش أسوأ أيام عمره عندما صنفه معلموه غبياً، لكن نقطة تحول حياته كانت في اليوم الذي دعاه فيه معلم الرياضيات لحل مشكلة على السبورة، ورفض قائلاً إنه لا يستطيع لأنه غبي ومعاق عقلياً. عندها خرج المعلم من وراء طاولة مكتبه، ووقف أمام (ليس) ينظر في عينيه مباشرة، ويقول بجدية «لا تقل هذا مرة أخرى، رأي شخص فيك، يجب ألا يصبح واقعك». ومن يومها، تخطى كل الصعاب المذهلة، وسعى وراء أهدافه بشغف وحماسة، واشتهر بعبارته التي يرددها دائماً «العظمة موجودة بداخلك».
ولم تكن طفولة الممثلة السينمائية (إميلي بلانت) أفضل من (ليس) بسبب إصابتها بتلعثم شديد، جعلها تكافح لإجراء محادثة بسيطة إلى أن طلبت منها إحدى معلمات الإعدادية تجربة اللعب المدرسي، وأقنعتها بأخذ دروس في التمثيل وتجربة لهجات مختلفة، ساعدتها على التعبير عن نفسها، وأعطتها مفتاح انطلاقتها في مسيرتها المهنية ممثلةً وعضواً في مجلس إدارة المعهد الأمريكي للتلعثم.
وقبل أن تصبح الشاعرة (مايا أنجيلو) شاعرة وناشطة في مجال الحقوق المدنية، عانت العذاب والحياة القاسية التي أجبرتها على تحمل الإساءات الشديدة على يد أحد أفراد أسرتها، وتصمت لما يقرب من خمس سنوات. ثم ظهرت معلمتها (بيرثا فلاورز) وعرفتها إلى مجموعة من الفنانات الأمريكيات من أصل إفريقي، وقدمت لها أعمال الأدباء العالميين، فكان لهم أكبر تأثير في نجاح حياتها الأدبية والاجتماعية لاحقاً.
ولا يجهل الناس مدى انطوائية (بيل جيتس)، وبذله جهداً كبيراً للاختلاط والتعاطي مع من حوله، لكن أمينة المكتبة (بلانش كافير) لاحظت محاولاته جاهداً إخفاء حقيقة أنه يحب القراءة التي كانت تعد شيئاً رائعاً، ولكن للفتيات وليس للأولاد، فكانت تبذل قصارى جهدها لتقديم الكتب له، ومناقشته حولها وما الذي تعلمته منها.
إن المعلمين الجديرين باللقب هم الذين لا يقولون للتلميذ (إجابتك خاطئة) بل يستعيضون عنها بـ (اقتربت من الإجابة الصحيحة) أو (إجابتك صحيحة، ولكن لغير هذا السؤال) لعلمهم بأن تعليم الأطفال يبدأ من مساعدتهم على تجاوز نقاط ضعفهم، والسعي إلى معالجتها، وليس معاقبتهم بها.