7 فبراير 2023

"سيدة الذهب".. تبيع السبائك على "إنستغرام" ثم تختفي

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

"سيدة الذهب".. تبيع السبائك على "إنستغرام" ثم تختفي

سيدة تعمل في مجال ترويج وبيع السبائك الذهبية من خلال أحد مواقع التواصل الاجتماعي، تتواصل مع زبائنها ليرسلوا لها المال من خلال تحويلات محال الصرافة، ثم تعدهم بأن تصل السبائك الثمينة في الموعد المحدّد. وبعد طول انتظار لا تصل السبائك في موعدها، وتختفي «سيدة الذهب» من الوجود، ويُغلق حسابها على موقع التواصل، فيكتشف المشتري أنه وقع ضحية جريمة احتيال ونصب.

تفاصيل قصة «سيدة الذهب»، اطلعت عليها «كل الأسرة» من حكم محكمة الجنايات في دبي، وتحقيقات النيابة العامة وأقوال أحد الضحايا الذي سقط في فخّها:

في أحد الأيام وأثناء وجود الضحية في مسكنه يتصفح برنامج التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، شاهد إعلاناً لسيدة تقول إنها تعمل في تجارة الذهب وتحديداً في بيع السبائك التي تحتوي على نسبة ذهب خالص تصل إلى 99.9%، ولم يتم تصنيعها، أو إضافة أي معادن أخرى إلى مكوّناتها.

لفت الإعلان الضحية فبدأ من خلال صفحة «إنستغرام» في التواصل مع السيدة، وطرح عليها مجموعة أسئلة للتحقق مما تمتلكه من سبائك ذهبية يشتريها ويحفظها للاستثمار المستقبلي. يقول الضحية «بعد مراسلتها أبلغتني أنها تدعى «ن» وأنها من الجنسية الأمريكية، وأنها تمتلك بحوزتها 18 سبيكة ذهبية». وأضاف: «أبلغتني أنها توجد حالياً في إحدى الدول الإفريقية ثم عرضت علـيّ مجموعة من الصور الفوتوغرافية للسبائك الذهبية التي تمتلكها، وأكدت لي أنها ستأتي إلى الدولة لإحضار السبائك فور الاتفاق على البيع؛ الأمر الذي دفعني إلى تصديقها».

اتفق الطرفان على صفقة السبائك، وأن الضحية سيشتري منها 8 سبائك ذهبية، فطلبت منه أن يحوّل لها مبلغ 6 آلاف درهم مقابل تخليص إجراءات الذهب الجمركية في الدولة الإفريقية التي توجد فيها، فنفّذ ما طلبت.

وبعد أول تحويل مالي بدأت عملية الاحتيال على الضحية، فقد طلبت منه السيدة مبالغ مالية متعددة بدعوى دفع رسوم وغيرها من الأعذار، يقول الضحية «حولتُ مبلغاً قدره 25 ألف درهم للسيدة عن طريق محال الصرافة على أربع دفعات كل دفعة بـ6250 درهماً، وكل دفعة من هذه الدفعات كُنت أحوّلها باسم شخص مختلف، كانت تزوّدني باسمه دون أن يتكرر ذلك الاسم».

لم ينتبه الضحية إلى أن تحويل المبالغ بأسماء عدة أشخاص مختلفين أمر يثير الريبة والشك، لكنه واصل الرضوخ لطلبات السيدة، معتقداً أن صفقة البيع والشراء تسير على قدم وساق، وأن السبائك ستصبح قريباً بحوزته.

يواصل الحديث «بعد المبلغ السابق، قُمت أيضاً بتحويل مبلغ 1800 درهم، ثم تحويل مبلغ 4460 درهماً للسيدة عن طريق محل الصرافة لاستكمال إجراءات نقل السبائك».
كانت هذه آخر تحويلات مالية للسيدة التي يتحدث الضحية معها ولا يعرف شكلها أو مظهرها، حيث قررت أن تستنزف مزيداً من أمواله، لكن هذه المرة عبر استغلال أحد الأشخاص الأفارقة الموجودين في الدولة.

في أحد الأيام أرسلت السيدة إلى الضحية رقم هاتف الرجل الإفريقي الموجود في الدولة، وأبلغته بأن يسلمه 50 ألف درهم كجزء من قيمة السبائك، وبالفعل تواصل الضحية مع الرجل وقابله في أحد المراكز التجارية وسلّمه المبلغ، ثم قابله مرة أخرى وسلمه 85 ألف درهم ليصل المجموع إلى 135 ألف درهم، غير تلك التي تمت عبر الحوالات المالية.

اختفاء سيدة السبائك الذهبية

وبعد دفع المبالغ المالية حان وقت استلام السبائك الذهبية فباشر الضحية الاتصال بالسيدة لكن دون أي إجابة. يقول «بعد أخذها كل هذه المبالغ اختفت المتصلة، وعندها أيقنت أنني تعرضت لعملية احتيال».

توجّه الضحية إلى مركز الشرطة وقدّم بلاغاً عن واقعة الاحتيال، فباشرت الشرطة عملية البحث والتحري عن أقرب خيط في القضية والمتمثل في الرجل الذي استلم المبالغ المالية من الضحية.

تمكنت الشرطة من خلال التحقيقات من التعرّف إلى هوية هذا الرجل ووضعت تعميماً على اسمه على المنافذ الجوية والبرية والبحرية، وفي أحد الأيام كان الرجل يهم بمغادرة الدولة فألقي القبض عليه.

لم ترسلني سيدة بل رجل

أكد الرجل في التحقيقات أنه هو الشخص الذي حضر وقابل الضحية واستلم منه المال على دفعتين، لكن المفاجأة التي كشفها تتمثل في أنه لم يحضر لأخذ المال من الضحية بناء على طلب من سيدة، وإنما بطلب من رجل يعرفه في موطنه.

بيّـن الرجل أنه حضر لاستلام المال بناء على معرفته بابن موطنه الذي اتصل به شخصياً، مشيراً إلى أنه استلم المبالغ المالية وحوّلها فوراً إلى حسابه عبر محل الصرافة.

ودافع الرجل عن نفسه، مؤكداً أنه لم يحصل على أي مال من المبالغ التي أخذها من الضحية، وأنه لم يكن يعلم بأن هذا المبلغ جراء عملية احتيال تحاك ضده، وأنه استلمها وحوّلها فقط، مبيناً في الوقت ذاته أنه لا يعرف من هي السيدة التي تحدث عنها الضحية.

تورط في الجريمة

ورأت النيابة العامة أن الرجل متورّط في الجريمة، فقررت رفع لائحة اتهام بحقه إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات بتهمة «الاشتراك في جريمة الاحتيال على الضحية، بالتعاون مع السيدة المجهولة».

وطالبت النيابة العامة بمعاقبته عن هذه التهمة عملاً بالمادة 451، البند أولاً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص على أنه «يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصّل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره، على مال منقول أو منفعة أو سند أوتوقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله، وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب، أو صفة غير صحيحة، متى ما كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم».

المحكمة: لا دليل يقيني على تورط الرجل

نظرت محكمة الجنايات القضية المرفوعة بحق الرجل، ورأت أن أوراقها «خلت من أي دليل يصل بقناعتها إلى مرتبة الجزم واليقين على توافر تلك الجريمة في حقه».

وأخذت المحكمة باعتراف الرجل بأنه بالفعل استلم من الضحية أمواله، ثم حوّلها عن طريق الصرافة ولم يستفد منها أو يستغلها، مؤكدة أنه لا توجد أي مظاهر احتيال من المتهم تجاه الضحية، ولم يثبت بالأوراق وجود اتفاق مُسبق بين المرأة المجهولة والمتهم يؤكد تورّطه في جريمة الاحتيال.

وقضت المحكمة ببراءة الرجل لعدم توفر دليل ملموس على تورطه مع المرأة المجهولة، أو دليل يقيني على انتحاله صفة أخرى لغرض الاحتيال على الضحية، بينما ستُنظر القضية أيضاً أمام محكمتي الاستئناف والتميز في مراحل التقاضي المقبلة.

 

مقالات ذات صلة