يظن الكثير من الأشخاص أن الفاتيكان هي مدينة إيطالية كونها تقع بالكامل داخل حدود إيطاليا، إلا أنه في الواقع تعد الفاتيكان أصغر دولة ذات سيادة مستقلة في العالم، حيث لا تتجاوز مساحتها الـ 105 فدان وتحيط بها مدينة روما من كل جانب. وتحظى الفاتيكان بأهمية كبرى في الديانة المسيحية، حيث توجد فيها ثاني أكبر كاتدرائية في العالم، ويعد البابا - أسقف روما ورئيس الكنيسة الكاثوليكية – هو رئيس الفاتيكان ويتمتع بكافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بداخلها.
فمتى ولماذا أعلنت الفاتيكان استقلالها عن إيطاليا؟ وما هي أشهر معالمها السياحية والدينية؟
دولة الفاتيكان.. تاريخ روحاني
تعد الفاتيكان أحد أكثر الأماكن قدسية في الدين المسيحي، حيث تقف شاهدة على تاريخ روحاني طويل يناهز الألفي عام. وهي المكان الذي دفن فيه القديس بطرس، أول الأحبار الرومان، وبالتالي فهي مركز الحج الرئيسي للمسيحيين. ومن هنا يرتبط اسم الفاتيكان بشكل مباشر وملموس بتاريخ المسيحية، فضلاً عن كونها تضم العديد من أمثلة الإبداع المعماري الرائع لعصر النهضة وفن الباروك.
انفصال الفاتيكان الرسمي عن إيطاليا عام 1929
يعد الاسم الرسمي لها هو «دولة مدينة الفاتيكان» وتقع على الجانب الغربي لنهر التيبر، وهي تعد الدولة الأصغر على مستوى العالم، وذلك بعد أن تم الإعلان عن انفصالها الرسمي عن إيطاليا عام 1929. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه بعد توحيد إيطاليا عام 1870، شهدت العلاقة بين الحكومة والكنيسة اضطراباً كبيراً، وزاد من التوتر أن الحكومة الإيطالية الجديدة وضعت يدها على أراضي خاصة بالكنيسة، ما دعا الباباوات إلى رفض الاعتراف بالدولة، وقاموا بالاعتصام في الفاتيكان في أطول اعتصام عرفه التاريخ، حيث دام لمدة ناهزت الـ 60 عاماً.
وأخيراً، في 7 يونيو من عام 1929، حصلت الفاتيكان على استقلالها من إيطاليا بموجب معاهدة «لاتران» Lateran Treaty التي اعترفت إيطاليا من خلالها بالسيادة المستقلة لمدينة الفاتيكان. وقع المعاهدة آنذاك الزعيم الفاشي، بنيتو موسوليني، والكاردينال بيترو غاسباري في حضور ملك إيطاليا فيكتور إيمانويل، والبابا بيوس الحادي عشر.
ثاني أكبر كاتدرائية في العالم
تضم الفاتيكان كاتدرائية «القديس بطرس» التي شيدها الإمبراطور قسطنطين في القرن الرابع الميلادي حين أصبحت المسيحية الديانة الرسمية التي تعتنقها إيطاليا، وهي تعد ثاني أكبر كنسية في العالم بعد كاتدرائية «ياموسوكرو» للروم الكاثوليك بساحل العاج. وتعد هذه الكاتدرائية ثمرة الإبداع المعماري لعباقرة الفن والمعمار الإيطاليين من أمثال برامانت ورافاييل ومايكل أنجلو وبيرنيني وماديرنو.
وقد أصبحت كاتدرائية «القديس بطرس» فيما بعد مقراً دائماً للباباوات، وأصبحت الفاتيكان المدينة الأكثر قدسية للكاثوليك والموقع الأثري الأبرز في الثقافة الرومانية سواء للمسيحيين أو غير المسيحيين.
6 أبواب وأسوار تفصل الفاتيكان عن روما
تعد أسوار مدينة الفاتيكان القديمة التي تم بناؤها في العصور الوسطى وعصر النهضة هي حدودها التي تفصلها عن مدينة روما التي تحفها من كل الجوانب. وللمدينة ستة مداخل، إلا أن ثلاثة منها فقط هي المفتوحة للجمهور بما في ذلك السياح. وتعد كاتدرائية «القديس بطرس» هي أضخم مباني المدينة وأكثرها إبهاراً وجمالاً، وقد سميت بهذا الاسم، حيث تم تشييدها فوق قبر القديس بطرس.
مسلة مصرية في أكبر ساحة بالفاتيكان منذ ألفي عام
وتوجد أمام الكاتدرائية «ساحة القديس» التي تضم في منتصفها مسلة مصرية هائلة الحجم تزن نحو 350 طناً وهي منحوتة من قطعة واحدة من الجرانيت، نقلها من مصر جيش الإمبراطور نيرون أو نيرو - الذي حكم إيطاليا سنة 54 ميلادي - وتم وضعها في هذا الموقع منذ ذلك الوقت وحتى الآن.
تعداد سكان الفاتيكان 800 شخص فقط
تمتلك مدينة الفاتيكان نظاماً مصرفياً خاصاً بها، ومرصداً فلكياً، ومحطة إذاعية وجريدة يومية خاصة، إضافة إلى وحدة من الحرس السويسري مسؤولة عن تأمين سلامة البابا، وفقاً لتقليد أرساه البابا يوليوس منذ عام 1506. يبلغ عدد سكان الفاتيكان نحو 800 شخص فقط معظمهم من الكهنة والراهبات، واللغة الرسمية فيها هي اللاتينية إلى جانب الإيطالية. وتقوم الفاتيكان باستيراد كافة احتياجاتها من الماء والغذاء والكهرباء والغاز، ولا تفرض ضريبة دخل على سكانها، كما تتمتع بحرية كبيرة فيما يخص تداول الأموال. ويأتي الدخل الأكبر للدولة من التبرعات التي يرسلها ملايين الكاثوليك للكنيسة من حول العالم.
في الفاتيكان واحد من أقدم متاحف العالم
يعد مجمع متاحف الفاتيكان واحداً من أقدم وأكبر المتاحف في العالم، حيث يضم 26 متحفاً ويحتوي على الآلاف من اللوحات والتحف التي لا تقدر بثمن، كما تضم مكتبة الفاتيكان آلاف المخطوطات والكتب النادرة التي قام الباباوات بجمعها بدءاً من القرن الخامس عشر الميلادي.