هذا الفيلم من إخراج جايمي باين وهو دراما اجتماعية وسلسلة جديدة من حلقات البحث عن قبر ريتشارد الثالث. نشرت صحف بريطانية (من بينها The Guardian) مقابلات مع علماء ومؤرخين أفادوا عكس ما ذهب إليه الفيلم من وقائع ما دفع بالإنتاج إلى الدفاع عن الفيلم على أساس أنه خيالي في الأصل.
في «الملك المفقود» تقرر فيليبا لانغلي (سالي هوكينز) بحثاً منفرداً عن قبر الملك ريتشارد الثالث قبل 500 سنة. السبب هو- كما يتبدى على الشاشة- أقرب إلى شغف امرأة مثقفة شاهدت مسرحية وليام شكسبير «رتشارد الثالث» وخيل لها أن ممثل الدور الأول (هاردي لويد) يتحدث إليها وهو على المسرح.
فيليبا هي موظفة غير سعيدة (تتجاوزها الترقيات) ولديها أسرة من ولدين من زوجها السابق جون (ستيڤ كوغن). لكن لا الوظيفة ولا رعاية ولديها (يفوز بالرعاية زوجها بالمناصفة) ولا عدم مبالاة المؤرخين والأكاديميين ستقف في طريق بحثها لتأكيد أن ما كتب عن ريتشارد الثالث كان محض افتراء تسببت به كلمات خليفته هنري تودور عنه بهدف تشويه سمعته. هذا يطال مسرحية شكسبير أيضاً التي وضعت بعد 100 سنة تقريباً، وهذا جائز. لكن الفيلم، المبني على حكاية واقعية (ربما إلى حد) يمنح دوافع فيليبا ووجهة نظرها معالجة جادة. آلياً، يدافع عنها كون الحكاية حقيقية (أدى البحث لاكتشاف أن جثمان ريتشارد الثالث مدفون تحت مرآب سيارات مفتوح ما يتنافى والشائع من أن جثته رميت في مياه النهر).
المخرج جايمي باين
ما لا يمكن معالجته جدياً هو ظهور الملك ريتشارد في خيالات فيليبا على نحو متكرر. يظهر لها قرب البيت وفي القطار وفي الحديقة العامة وفي أي مكان آخر. الحاجة لهذا الظهور، بالنسبة للفيلم غير مبررة بالكامل. ألا يتناقض ذلك مع الرغبة في تناول إصرار امرأة تعيش بضعة أزمات فردية واجتماعية على طرح الموضوع لمحيطها؟ ألا يتناقض مع وجهة الفيلم أصلاً؟
بالطبع يتناقض من حيث إن الفيلم يحمل في طياته لا غرابة الفكرة بل نقلها إلى موضع خيالي مضاف يحرم بطلة الفيلم من التعاطف معها ويجبر الفيلم على التوجه صوب خيال ليس ضرورياً. هذا رغم أن المخرج ستيفر فريرز يحسن استخدام هذه التفعيلة في أوقات صحيحة وتأكيد دورها في شحذ همة بطلته.
لا تختلف القصة كثيراً عن الفيلم الذي أخرجه فريرز سنة 2013 بعنوان Philomena من حيث إن بطلة ذلك الفيلم (جودي لنش) تبحث عن ابنها المفقود بعد عقود من غيابه عنها. يشمل التشابه كذلك حقيقة أن ستيڤ كوغن كتب سيناريو الفيلمين واشترك في إنتاجهما وقام بالتمثيل فيهما أيضاً، إلى ذلك يحمل هذا الفيلم، كما الفيلم السابق، جمال موسيقا الفرنسي ألكسندر دسبلا. الاختلاف هو أن الفيلم السابق نال أكثر مما ناله الفيلم الجديد.
ما يستدعي الإعجاب خيرة المخرج في سرد متوال ومقتصد (ترمي فيليبا نظرة وداع على مكان عملها وهي تغادر المبنى عوض حشو الفيلم بحوار حول نيتها فعل ذلك). على ذلك، هناك شيء مفقود في الفيلم على صعيد توضيبه الواقع بين الكوميديا والدراما.