31 مايو 2023

نقاد الفن يؤكدون: الكوميديا الحقيقية غائبة.. والتأليف في قفص الاتهام

فريق كل الأسرة

نقاد الفن يؤكدون: الكوميديا الحقيقية غائبة.. والتأليف في قفص الاتهام
مشهد من مسلسل "الصفارة"

خلال الأعوام الأخيرة لاحظ الجمهور تراجعاً كبيراً في مستوى الأعمال الكوميدية التي تعرض على الفضائيات، أو حتى المنصات الإلكترونية، فضلاً عن تراجع الكوميديا بشكل واضح من خلال السينما، حتى أنه لم يلفت أنظار الجمهور سوى عمل أو اثنين على مدار السنوات الأخيرة، رغم كثرة الأعمال وتصدي كبار النجوم لبطولتها.

ايمي سمير غانم وسلوى خطاب في «نيللي وشريهان»
ايمي سمير غانم وسلوى خطاب في "نيللي وشريهان"

الظاهرة أصبحت لافتة للنظر، في ظل تراجع الأعمال الكوميدية بشكل كبير، لدرجة عزوف الجمهور عنها، ما أثار العديد من التساؤلات، فأرجع البعض سببها إلى تغير ذوق الجمهور وتغير أدوات الضحك لديه، وأنه أصبح يفضل الأعمال القريبة من الواقع، كوميديا مأخوذة من الواقع وليست بعيدة عنه. وأفاد آخرون أن السبب الرئيسي هو استسهال تنفيذها، اعتماداً على «ورش السيناريو» التي انتشرت في السنوات الأخيرة بشكل كبير، واستسهال البعض الآخر الكتابة للكوميديا، ما أدى إلى نتائج متردية وضحت خلال الأعوام الأخيرة، سواء كان في الدراما التلفزيونية أو حتى في الأفلام السينمائية.

أحد أهم أسباب تراجع الكوميديا في السنوات الأخيرة هو انتشار ما يطلق عليه "ورش كتابة السيناريو"

في البداية تقول الناقدة ماجدة موريس «من دون شك فإن أحد أهم أسباب تراجع الكوميديا في السنوات الأخيرة هو انتشار ما يطلق عليه «ورش كتابة السيناريو» بدرجة كبيرة وملحوظة، وهو أمر لا يصلح لصناعة أعمال درامية مميزة، سواء للأعمال الدرامية بشكل عام، أو الكوميدية بشكل خاص، وهو ما أكدنا خطورته كثيراً، وأصبحنا نعاني مساوئ هذه الظاهرة بشكل كبير، بل وستزداد خطورتها في المستقبل القريب، إن لم تكن هناك حلول جذرية».

أحمد أمين وأكرم حسني في «الوصية»
أحمد أمين وأكرم حسني في «الوصية»

وتضيف «أن أحد أسباب نجاح أي سيناريو، سواء كوميدياً أو أي نوع آخر، هو أن يتولى مؤلف واحد كتابته من البداية للنهاية، لأنه الأكثر إلماماً بخيوط العمل وتفاصيله، لكن ما يحدث حالياً، هو أن المؤلف الرئيسي، أو القائم على«ورشة الكتابة»، يعقد اجتماعات متكررة طوال فترة الكتابة مع بعض المؤلفين الشباب، حيث يتولى كل منهم خيطاً درامياً أو زاوية فنية في السيناريو، على أن يتولى هو تجميعها في النهاية، وهو ما يتسبب في فرط السيناريو وحالة من التخبط والعديد من الثغرات ما ينعكس بشكل كبير على صورة العمل النهائية أمام المشاهد».

أحمد فهمي ومي عمر في «ريح المدام»
أحمد فهمي ومي عمر في «ريح المدام»

البعض ممن يدافع عن فكرة «ورش الكتابة»، يؤكدون أن هذا النظام معمول به في أوروبا وفي أمريكا نفسها، وتكون نتاج هذه الورشة العديد من الأعمال الفنية، سواء أفلاماً سينمائية أو حلقات تلفزيونية، على مستوى عال جداً من الجودة وتحقق نجاحات كبيرة، ليست على مستوى أوروبا وأمريكا فقط، بل على مستوى العالم كله.

مسلسل «الكبير أوي 7» يظل حاضرا
مسلسل «الكبير أوي 7» يظل حاضرا

يرد على هذه المزاعم الناقد الكبير كمال رمزي، مؤكداً «ورش الكتابة في أوروبا وأمريكا تقوم على أسس علمية منضبطة ومتخصصة، بمعنى أنك تجد في هذه الورش من يتولى كتابة الشخصيات فقط، بحيث يضع مواصفات كل شخصية، من حيث الشكل والملامح وتفاصيلها الداخلية والخارجية وملابسها وأكسسواراتها، وآخر متخصص في كتابة المواقف التي تقوم على سوء الفهم التي من شأنها خلق كوميديا صارخة، وثالثاً متخصصاً في كتابة الحوار الكوميدي، ورابعاً متخصصاً في توفير مواد علمية، أو حتى متخصصاً في مواد تاريخية، إذا ما كان العمل يستدعي ذلك، ثم من تكون مهمته كتابة حدوته درامية لها بناء درامي مكتمل، ليكون بعد ذلك هناك من يتولى الكتابة بشكل عام، بمعنى أن هناك كاتباً رئيسياً، وحوله مجموعة عمل توفر له كل ما يحتاج إليه من تفاصيل تعينه على كتابة عمل مميز».

مشهد من مسلسل اللعبة 3
مشهد من مسلسل اللعبة 3

بينما يؤكد الناقد عصام زكريا «للأسف الكثير من الأعمال الكوميدية سواء في السينما أو الدراما تعتمد بدرجة كبيرة على«الإفيهات»، وهو ما يفتح الباب أمام الارتجال العفوي من الممثلين، وأحياناً بعض الممثلين يكون هدفهم الأول هو تحقيق أكبر قدر من الضحك، سواء بالسباب أو الضرب أو السقوط بطريقة المفترض أن تثير الضحك، وهذا لا يصلح للدراما التلفزيونية أو الأفلام السينمائية. وهذا النوع من الكوميديا يعد هو الأسوأ على الإطلاق، لأن الجمهور أصبح في حالة إلى مزيد من بذل الجهد ومحاولة خلق كوميديا جديدة حقيقية تساعده على الضحك، كوميديا نابعة من واقعه، كوميديا تسعى إلى نقد بعض السلوكيات الاجتماعية السلبية، لا إلى التهكم والسخرية والاستهزاء من عيوب خلقية في ممثلين بعينهم وبشكل متكرر، الأمر الذي يثير الاشمئزاز والملل، فضلاً عن أنه يجرح مشاعر المتفرج».

انتقادات كبيرة لمحمد سعد ومسلسل «أكس لانس»
انتقادات كبيرة لمحمد سعد ومسلسل «أكس لانس»

ويواصل زكريا «لا شك أن تراجع الكوميديا في السنوات الماضية يعود إلى ضعف السيناريو والاستسهال من قبل المؤلفين، وأعتقد أننا في الموسم الأخير شاهدنا نماذج من هذه النوعية مثل مسلسل «أكس لانس» للفنان محمد سعد، الذي لم يحقق نجاحاً يذكر، رغم أهمية محمد سعد كنجم كوميدي كبير، إلا أن هناك أعمالاً أخرى لاقت استحساناً من الجمهور، مثل مسلسل «الصفارة» للفنان أحمد أمين، ومن قبله مسلسل «اللعبة» لهشام ماجد وشيكو، وكذلك مسلسل «جت سليمة» لدنيا سمير غانم. وبالنظر إلى موسم عيد الفطر السينمائي، نجد أن الأفلام أغلبها كوميدية ورغم ذلك جاءت إيراداتها ضعيفة جداً. في الوقت نفسه نلاحظ في السنوات الأخيرة أن السوشيال ميديا أصبحت منافساً شديداً للدراما الكوميدية، من خلال يوتيوبرز وبلوجرز الذين يقدمون مواقف كوميدية صارخة».

مشهد من مسلسل
مشهد من مسلسل "الصفارة"

من جهته، يبين الفنان بيومي فؤاد «بعيداً عن أي شيء، علينا أن نؤكد أننا شعب دمه خفيف ويحب الضحك، لذا فإنه من الصعب جداً إضحاك هذا الجمهور، لكن أيضاً من الصعب أن تضحك عليه، وأعتقد من وجهة نظري أن مشكلة الكوميديا تنحصر في شقين مهمين جداً، الأول والأهم فيها هو أنه لا يوجد لدينا كتاب متخصصون في الكوميديا، حيث اختلف الأمر كثيراً عن السابق، لذا مؤلف الكوميديا أصبح عملة نادرة، ليس كل مؤلف ناجحاً وبارعاً يستطيع أن يكتب عملاً كوميدياً، لذا فإن أغلب الأعمال التي يقال إنها كوميدية لا تعتمد على قصة قائمة على مواقف كوميدية بقدر اعتمادها على«اسكتشات ضاحكة». ثم يأتي الشق الثاني، وهو إصرار المنتجين على تقديم مثل هذه النوعية من الأعمال في 30 حلقة، حتى لو يكن الموضوع يحتمل ذلك، فيضطر المؤلف ومعه المخرج إلى تطويل الحلقات ووضع حشو زائد غير مناسب، في حين أن الأعمال ذات الـ 15 حلقة، أو أقل، أثبتت نجاحاً كبيراً، على مستوى المضمون وعدد الحلقات، وأحبها الجمهور».

من مسلسل
من مسلسل "جت سليمة"

ويضيف «نحن والحمد لله لدينا نجوم كوميديا من أفضل ما يكون، سواء في الصف الأول أو الثاني، ينقصهم فقط نص جيد، والدليل أننا سبق وقدمنا أعمالاً كوميدية على مستوى جيد، منها: «نيللي وشريهان»، «لهفة»،«الوصية»، «وريح المدام»وكلها أعمال كانت ناجحة جداً، وهذا الموسم كان هناك«الكبير أوي» «وجت سليمة»من الأعمال المميزة المكتوبة بشكل جيد، لكن بالتأكيد هذا لا يكفي».

* القاهرة: أحمد إبراهيم