25 يوليو 2023

محمد رضا يكتب: تحية لفنان

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

المخرج حميد بن عمره
المخرج حميد بن عمره

منذ سنوات والمخرج حميد بن عمره يطلب مني أن أكون موضوع فيلم يقوم بإخراجه. ورد هذا الطلب لأول مرة في العام 2018 ثم دخل «كورونا» على الخط فتأجل كل شيء، وفي هذا العام وصل إلى مدينة «كان» وطلب مني الظهور في فيلمه الجديد.

أسعدني الطلب الآتي من مخرج ينجز روائع تعرض في اليابان وروسيا والولايات المتحدة ولا تعرض في العالم العربي، ليس لأنها مختلفة عن السائد وفنية حتى الذروة، بل لأن معظم المهرجانات العربية تديرها شلل وهذه الشلل لا تعرف قيمة أفلامه.

مع حميد لا تسأل عن السيناريو. لا يكتب سيناريو ويدخل التصوير على أي نحو ومن أي زاوية أو مناسبة تلقائية يريد. لديه فكرة، كما الحال في «هواجس الممثل المنفرد بنفسه» و«الحزام» مثلاً، يجمع لها مئات المشاهد الملتقطة ثم يدخل المونتاج ويرتبها لتخرج أفلاماً رائعة.

تم التصوير خلال مهرجان «كان» وفي أماكن مختلفة. كان يلقي السؤال وأقوم أنا بالجواب. في الظاهر هذا فعل بسيط للكاميرا، لكن المفاجأة ستقع حين ظهور الفيلم في شكله النهائي ذلك أنه من بين الكلمات سينتقل إلى أي خاطر يريد. سينماه هي سينما حرة من التقليد 100 بالمئة وتقوم على الإبداع في اللحظة.

قال لي ذات مرة إن علي أن أصبح مخرجاً، وكان لدي بالفعل فكرتان أريد إخراجهما. لكن «كورونا» وحواجز السفر حينها لم تساعدنا على ذلك (كان سيصور ويقوم بالمونتاج) والآن أشعر بأن الوقت قد حان.

كتبت صفحات طويلة عنه كلما شاهدت له فيلماً جديداً له، وواثق من أنه حزين لأن العالم العربي الذي ينتمي إليه (رغم جنسيته الفرنسية) لا يستقبل أفلامه. هذا انحياز ضد رسالات وأهداف المهرجانات، لكن هذا الانحياز سيتلاشى يوماً ما بكل تأكيد.