30 يوليو 2023

"هناك خطأ في حسابك".. هكذا سرق محتال الأموال وحولها إلى حسابات شركائه

فريق كل الأسرة

«ح.ا.خ» رجل يبلغ من العمر 42 عاماً، امتهن الاحتيال على الناس من خلال المكالمات الهاتفية عبر انتحال صفة إحدى الجهات الرسمية ثم اقناع ضحاياه بأن هناك خطأ في الحسابات، وأنه يقوم بمهمة التدقيق عليها.

«المحتال» لم يكن يعمل لوحده في هذا المجال، وإنما وظف آخرين ليكونوا شركاءه في الجريمة، لكن مخططاتهم باءت بالفشل، وتم إلقاء القبض على اثنين من الشركاء بعد تقديم سيدة بلاغ ضدهم.

تفاصيل القضية التي اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكم محكمة الجنايات في دبي، بدأت وقائعها عندما شرع المحتال في التخطيط لسرقة الحسابات البنكية عن طريق خداع الناس عبر المكالمات الهاتفية، مستغلاً قدرته على إقناعهم بأن هناك «خطأ في حساباتهم».

ولإتمام عملية السرقة كان على المحتال أن يشكل عصابة من عدة أفراد لتحويل المبلغ المالية التي يتمكن من سرقتها إلى حساباتهم الشخصية، ثم تحويلها إلى حسابه خارج الدولة، وبالفعل استطاع أن يتفق مع 3 أشخاص وأن يقنعهم بفكرته الإجرامية ليصبحوا شركاءه في الجريمة.

تمكن المحتال من استخدام بطاقات الهويات العائدة للثلاثة في فتح حسابات بنكية وإصدار شيكات بأسمائهم، وأخبرهم بأن مبالغ مالية ستحول إليهم في القريب العاجل، وأن عليهم سحب هذه المبالغ وتحويلها إليه فوراً بعد استلامها.

اصطياد سيدة

باشر المحتال في اصطياد الضحايا، واتصل بسيدة تعمل في إحدى الشركات التجارية، وادعى بصوته الجهور والقوي أنه يعمل في إحدى الجهات الرسمية، وطلب منها تزويده ببيانات بطاقاتها البنكية، وذلك «ليتحقق من حساباتها على اعتبار أن هناك شيئاً متعلقاً بحسابها يجب التحقق منه».

تقول السيدة في إفادتها بالقضية «كان يتحدث معي بحزم وعصبية ما جعلني أشعر بالخوف والقلق، فاستجبت سريعاً لطلباته». وأضافت «زودته بالبيانات البنكية التي طلبها، وهي عبارة عن رقم حسابي البنكي ورقم التعريف الشخصي الخاص ثم فوجئت بتلقي رسالة تفيد بخصم 25 ألف درهم وتحويل المبلغ إلى حساب رجل آخر».

وتابعت «بعد ذلك، تلقيت رسالة أخرى تفيد خصم 99 ألف درهم من حسابي وتحويل المبلغ إلى حساب آخر، وعندها أدركت أنني قد تعرضت إلى عملية خداع واحتيال، وأن المتحدث لم يكن من الجهة الرسمية، وإنما انتحل شخصيتها».

استطاع المحتال في ظرف دقائق من سرقة 124 ألف درهم من حساب السيدة التي أصابتها الصدمة، وهرعت مسرعة نحو مركز الشرطة لتقديم بلاغ بالواقعة، والعمل على إيقاف حسابها قبل أن يتمكن من الاستيلاء على مبالغ أخرى.

متابعة الحسابات والقبض على الشركاء

باشرت الشرطة عملية البحث والتحري في القضية، وكان البدء بمتابعة الحسابات التي وصلت إليها المبالغ المالية، ليتبين أن الحساب الأول الذي وصل إليه مبلغ 25 ألف درهم يعود إلى رجل يدعى «ب.ر»، هو الشريك الأول في الجريمة، وأن هذا الرجل أقدم على سحب 20 ألف درهم من المبلغ، ثم أقدم على سحب 3 آلاف و900 درهم منه.

استطاعت الشرطة إلقاء القبض على «الشريك الأول للمحتال»، فحاول تبرير فعلته، مدعياً «أن لا علاقة له بعملية النصب، وأنه كان فقط قد زود المحتال بصورة عن جواز سفره وهويته لفتح حساب بنكي باسمه قبل ستة أشهر، وأن المحتال استخدم هذا الحساب في الاحتيال على الناس وليس هو».

أما المبلغ الثاني 99 ألف درهم، فتبين أنه جرى تحويله أيضاً لرجل يدعى«ح.ا»، هو الشريك الثاني للمحتال في الجريمة، وأن هذا الأخير سحب من المبلغ 68 ألفاً و900 درهم، وحوله إلى حساب الشريك الثالث في الجريمة ويدعى «ن.ع».

وألقت الشرطة القبض على «الشريك الثالث»، فقال في التحقيقات «إن المحتال كان يقطن برفقته قبل ٨ أشهر، وأنه طلب منه فتح حساب بنكي حتى يحصل على بطاقة بنكية بدعوى أن هويته انتهت صلاحيتها»، مشيراً إلى أن المحتال أخذ هويته لفتح حساب بنكي واستخراج دفتر شيكات باسمه، وتمكن أيضاً من فتح ثلاث حسابات بنكية على اسمه الشخصي".

لائحة اتهام

بعد التعرف إلى هوية المحتال وشريكه الثاني، الهاربين، وضبط الشريكين «الأول والثالث»، رفعت النيابة العامة في دبي لائحة الاتهام بحقهم إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات.

ووجهت النيابة إلى المحتال بمفرده تهمتين هما: «التوصل للاستيلاء لنفسه على مبلغ 124 ألف درهم العائد للسيدة عبر انتحال صفة كاذبة، وتهمة استخدام وبدون تصريح وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني بإجراء تحويلين بنكيين من حساب المجني عليها».

أما الشريكان اللذان استلما المبالغ المالية في حساباتهما، فوجهت النيابة العامة لهما تهمة «الاشتراك والمساعدة في ارتكاب جريمة الاحتيال عمداً»، فيما وجهت إلى الشريك الثالث في القضية تهمة«حيازة 68 ألفاً و900 درهم في حسابه البنكي في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها».

حكم المحكمة

نظرت محكمة الجنايات القضية ورأت أن المتهمين جميعاً عقدوا العزم وبيتوا النية للاستيلاء على أموال الناس بطريقة غير مشروعة عبر انتحال صفة جهة رسمية، مشيرة إلى أن المحتال الهارب استفاد من الخدمات التي قدمها باقي المتهمون له عبر فتح حسابات بنكية بأسمائهم لتسهيل ارتكاب الجريمة.

أصدرت محكمة الجنايات حكماً بحبس جميع المتهمين لمدة 3 أشهر «غيابياً بحق المحتال وشريكه الثاني الهارب»، و«حضورياً بحق الشريكين المضبوطين»، وأمرت بتغريمهم مبلغ 20 ألف درهم، إلى جانب القضاء بتغريمهم متضامنين مبلغ 124 ألف درهم قيمة المبلغ الذي استولى عليه.