تحدى كل ظروفه الصعبة، ولد في كنف أسرة فقيرة، لكن طموحاته كانت أكبر من ظروف معيشته، كان لا يمتلك من حطام الدنيا سوى عقل جبار وبارع في التخطيط والتدبير، ومن خلال هذا العقل نجح في أن يرتبط بسيدة ميسورة الحال حققت له الكثير من الأحلام، ورغم أنها كانت تكبره ببضعة سنوات كان يرى فيها الفرصة التي لن تتكرر لتعويض حياة الفقر، لكنه وقع في براثن العشق مع فتاة تسببت في خسارته كل شيء.
إيقاع العاشق الولهان
بدأت القصة منذ بضعة أشهر، فتاة جميلة الوجه شعرها الأسود ينسدل على كتفيها، رائحة العطر تفوح منها، تمتاز بالقوام الرشيق، انضمت للعمل بإحدى الشركات، كانت الفتاة من أسرة بسيطة الحال، كل مقوماتها تكمن في مهاراتها العملية، كانت تمتلك كل مقومات وأسلحة الأنثى الفتاكة، العيون بدأت تلاحقها، البعض حاول التقرب منها والتودد لها، لكنها حددت هدفها بدقة، لم يكن لديها القدرة والاستعداد للكفاح والبداية من الصفر مع أي شخص، علمت بحكم عملها في الموارد البشرية كل كبيرة وصغيرة عن موظفي الشركة، لذا فكرت في نسج خيوطها على مديرها في الشركة التي تعمل بها بعدما علمت أن زوجته تكبره بعدد لا بأس به من السنوات ويبدو أنه كان الزواج بينهما قائماً على المصلحة ليس أكثر، هكذا ظنت ومن هنا بدأت خطتها المجنونة.
علاقة ممنوعة
كان الموضوع يبدو طبيعياً في بداية الأمر، ومرور الوقت تطورت العلاقة بين الطرفين كل منهما يحكي للآخر أدق تفاصيل حياته، حتى جاءت اللحظة التي صارحت فيها مديرها، بإعجابها به، تهللت أساريره وهو يسمع هذا الكلام، جمعهما معاً الطمع، هو طمع في جمالها وشبابها وخفة ظلها، وهي طمعت في الثراء والمركز الاجتماعي المرموق، لكن الجميع كانت حساباته خطأ.
بدأ شكل العلاقة بين الطرفين يأخذ منحى آخر، وتطورت من مجرد علاقة عمل إلى علاقة صداقة قوية ستدفع بالجميع إلى حافة الهاوية، في أحد اللقاءات التي جمعتهما، فاجأت الفتاة مديرها بطلبها الزواج منه، لكنه رفض بشدة، وعندما استفسرت عن شكل علاقتهما معاً أكد لها أنها مجرد صديقة تمنحه بعض الأوقات الجميلة، جن جنونها وهي ترى أحلامها تتحطم على صخرة الواقع المؤلم، خصوصاً أن علاقتهما القوية كانت مثار شكوك في الشركة وبالتالي سمعتها أيضاً على المحك.
شعرت الفتاة بعد هذا اللقاء أنها رخيصة الثمن، تغيرت معاملة صاحب الشركة، تجاهها من النقيض إلى النقيض، ويبدو أنها لم تكن تمثل له سوى نزوة كما أخبرها. تملكها الغيظ والغل، فكرت في الانتقام منه بأي طريقة، وفي الوقت نفسه كانت ترغب في الاستفادة من وجودها في الشركة بما يكفل لها تحقيق مصلحتها الشخصية، وبحكم علمها بكل كبيرة وصغيرة بالشركة قررت أن تدمر حياته كلها من خلال خطة مجنونة، حيث اتفقت مع بعض الأشقياء على إشعال النيران في الشركة بعد تسهيل مهمة دخولهم، بالإضافة إلى إرشادهم عن مكان الخزينة والاحتفاظ بالأموال السائلة لتوريط المدير في هذا الأمر وتوجه له تهم الإهمال.
سرقة ومساومة
ظنت الفتاة المجنونة أنها بهذه الطريقة ترد الضربة إلى مديرها الذي كسر أحلامها وحطم طموحاتها كما اعتقدت. تم تحديد الموعد المناسب للتنفيذ وسارت الخطة بنجاح كما تم التخطيط لها حرفياً، لكن رجال الإطفاء تمكنوا من السيطرة على الحريق قبل تدمير الشركة بالكامل وتبين من التحقيقات التي قام بها رجال البحث الجنائي أن الحريق بفعل فاعل. بدأت تحريات موسعة للوصول إلى أي معلومات تقود إلى الجناة والسبب الذي دفعهم لارتكاب هذه الجريمة. وسط هذه الأجواء الملبدة بالغيوم، تلقى مدير الشركة مكالمة هاتفية من شخص مجهول، أكد له أنه يمتلك أوراقاً في غاية الأهمية والخطورة خاصة بالشركة، وطلب منه مبلغاً مالياً ضخماً نظير إعادة هذه الأوراق له، جن جنونه وهو يسمع هذا الكلام، شل تفكيره، فكر في إبلاغ الشرطة ولكن الشخص المجهول حذره من مجرد التفكير في هذه الخطوة، لكنه مع ذلك أبلغ الشرطة بكافة التفاصيل وطلبت منه الجهات الشرطية مجاراة الشخص المجهول في كل طلباته.
خطأ فضح المستور
من جانبها كانت الفتاة لا تعلم أي شيء بشأن هذه الأوراق التي تمت سرقتها، ولا المساومة التي طلبها الأشقياء الذين اتفقت معهم، ومن سوء حظها أن رجال البحث الجنائي نجحوا في ترتيب كمين محكم للشخص المجهول الذي كان على اتصال بمدير الشركة لمساومته، وبمجرد سقوطه بدأت المفاجآت تتوالى تباعاً بشكل غير متوقع، حيث أرشد هذا المتهم عن باقي شركائه في الجريمة، مؤكداً أن العقل المدبر لكل ما حدث هو الموظفة الحسناء التي أرادت الانتقام.
تم تسيير مأمورية أمنية للقبض على الفتاة التي لم تتحمل الأسئلة والاستجوابات حيث انهارت على الفور واعترفت بكافة التفاصيل التي دفعتها لارتكاب هذه الجريمة المدبرة بسبب رغبتها في الانتقام. على الجانب الآخر بمجرد أن علمت زوجة مدير الشركة بهذه التفاصيل فأقامت دعوى طلاق للضرر بعدما تسببت نزواته وانفلاته في تدمير أسرته، كما قامت الشركة بفصله من عمله بسبب سوء سلوكه الذي تسبب في حريق الشركة.
تمت إحالة جميع المتهمين إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات الجارية معهم لحين ورود تقرير المعمل الجنائي، وحصر التلفيات كاملة.
* القاهرة: كريم سليمان