وقع أحد الرجال في فخ عملية نصب واحتيال بعد تلقيه عرضاً هاتفياً «لشراء ذهب بأقل من سعر السوق»، ليخسر 200 ألف درهم في جريمة مدبرة بطريقة مدروسة واحترافية، دون أن يحصل على شيء.
بدأت تفاصيل القصة، التي اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكم محكمة الجنايات في دبي، بتلقي المجني عليه مكالمة هاتفية من رجل لا يعرفه، ادعى فيها أن لديه شركة تقوم بأعمال تجارة عامة في الذهب والأسهم وغيرها من المقتنيات الثمينة، وعرض عليه أن يستثمر في أحد هذه الأشياء الثمينة.
خلال المكالمة، أبدى المجني عليه رغبته في شراء الذهب والادخار به، فادعى الرجل أنه متواجد حالياً خارج الدولة، لكن «مندوباً» من قبله سيتواصل معه من أجل فتح فرصة أمامه للاستثمار في الذهب.
يقول المجني عليه «بعد عدة أيام تلقيت اتصالاً من شخص أبلغني أنه المندوب، وأنه يدعى «ح»، وعرض علي شراء ذهب بسعر أقل من السعر المتداول في السوق، فوافقت على الفور».
محاولتان فاشلتان
اتفق المجني عليه و«المندوب» على اللقاء الأول، فتقابلا بالقرب من أحد المستشفيات، يروي المجني عليه «عند اللقاء استعلم مني عن المبلغ النقدي، فطلبت رؤية الذهب، لكنه أصر على أن أسلمه المال أولاً، وعندما رفضت، انصرف».
فشل أول لقاء بين الطرفين في إنهاء صفقة شراء الذهب إلا أن عملية النصب على المجني عليه لم تتوقف، فبعد عدة أيام تلقى اتصالاً هاتفياً من المندوب، وطلب منه الحضور إلى مكتب الشركة الكائن في إحدى البنايات وجلب 200 ألف درهم معه.
يقول المجني عليه «دخلت إلى المكتب، وكان هناك موظف عربي، فسألني عن المبلغ المالي، فرددت بسؤاله عن الذهب، فأبلغني بأنه لا يعلم ما هو الاتفاق الذي دار بيني وبين المندوب».
تفاجأ المجني عليه برد الموظف، فأخذ ماله وانصرف من المكتب دون أن تتم صفقة شراء الذهب للمرة الثانية.
المحاولة الثالثة
في المرة الثالثة، تلقى المجني عليه مكالمة هاتفية من المندوب، وطلب منه أن يحضر إلى مكتبه الرئيسي في وقت المساء، فقرر المجني عليه التوجه إلى هذا المكتب لمعرفة جدية ما يدور.
يقول «بعد دخولي إلى المكتب شاهدت المندوب، وشاهدت داخل المكتب حوالي 10 موظفين، ثم اجتمعت مع المندوب وشخصين أحدهما آسيوي والأخر عربي، فسألت المندوب عن مكان الذهب الذي سأشتريه، فرد بأنه سيحضر في غضون نصف ساعة».
في الاجتماع، سأل المندوب المجني عليه عن المبلغ المال فأبلغه أنه بحوزته فطلب منه أن يسلمه له لحين وصول الذهب، فسلم المجني عليه المبلغ إلى المندوب واستلم منه إيصالاً مالياً.
تمثيلية مكتب الصرافة
بعد مدة من الانتظار، طلب المندوب من المجني عليه أن يرافقه والآسيوي إلى أحد محال الصرافة في مركز تجاري قريب من أجل عد المبلغ إلى أن تصل كمية الذهب، فتوجه برفقتهما لكن تصرفاً غريباً حدث...، يروي المجني عليه «عند الوصول طلب مني أن أنتظره في مقهى قريب من محل الصرافة حتى ينتهي عد المبلغ، ففعلت».
أثناء جلوسه في المقهى، شاهد المجني عليه المندوب والآسيوي يخرجان من محل الصرافة ويتجهان إلى خارج المركز التجاري، فبدأ في النداء عليهما إلا أن المندوب أبلغه «أنه وقت الاستراحة وأنهما سيعودان».
انتظر المجني عليه لمدة نصف ساعة في المقهى إلا أن المندوب والآسيوي لم يعودا، يقول «اتصلت بالمندوب فلم يرد على مكالمتي».
في تلك الأثناء، شعر المجني عليه أنه هناك شيء ما يحدث فتوجه على الفور إلى مكتب الشركة لكن مفاجأة غير متوقعة كانت في انتظاره، يعلق «لم أجد أي موظف، عندها علمت أنني تعرضت للاحتيال، وأن وجود الموظفين كان عبارة عن تمثيلية للاحتيال علي».
ضبط المندوب
قدم المجني عليه بلاغاً إلى الشرطة عن عملية الاحتيال عليه، فباشرت في عملية البحث والتحري إلى أن تمكنت من الاستدلال على هوية «المندوب» وإلقاء القبض عليه.
تبين أن «المندوب» يقيم في الدولة في بصورة غير مشروعة حيث حضر بتأشيرة زيارة ولم يغادر، فيما برر مشاركته في الاحتيال على المجني عليه بأنه «مجرد وسيط» يعمل لصالح من اتصل بالمجني عليه».
حبس وغرامة وإبعاد
رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق «المندوب» إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، بتهمة «تواصل مع آخر إلى الاستيلاء على مبلغ 200 ألف درهم من المجني عليه بأسلوب احتيالي عبر ادعاء بيعه ذهباً بأقل من سعر السوق».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبته عن هذه التهمة عملاً بالمادة 451 البند أولاً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص «يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو منفعة أو سنداً وتوقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله، وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم».
كما ووجهت النيابة العامة إلى «المندوب» تهمة «البقاء في الدولة بعد انتهاء تأشيرة الزيارة»، مطالبة بتغريمه عن هذه التهمة ومن ثم إبعاده عن الدولة.
دانت محكمة الجنايات المندوب بالجريمة، وقضت بمعاقبته بالحبس لمدة 6 أشهر، وتغريمه مبلغ ألف درهم، إلى جانب تغريمه 200 ألف درهم قيمة المال الذي استولى عليه، مع الأمر بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة العقوبة.