انتحلت عصابة هوية شركة تعمل في عدة مجالات للاستثمار والأعمال، وحاولت عبر وثائق مزورة تنفيذ جريمة احتيال بحق رجلين، إلا أن الجريمة لم تكتمل وأحبطت في مرحلتها الأخيرة نظراً لدخول الشك في قلب أحد الرجلين.
تفاصيل ما حدث من بداية عملية الاحتيال إلى نهايتها، اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكمي محكمتي الابتدائية والاستئناف في دبي، واللتين كشفتا طريقة العصابة في عملية الاحتيال، وكيف سقط 3 من أفرادها في قبضة الشرطة.
بدأت تفاصيل القضية عبر قيام العصابة باصطناع بريد إلكتروني منتحلين من خلاله اسم الشركة، واستخدموه في مراسلة العديد من الأشخاص، وكان منهم رجلان يرغبان في الاستثمارات بمبالغ مالية بحوزتهما.
رد الرجلان على الرسالة التي وصلتهما عبر البريد الإلكتروني، والتي يتناول محتواها دعوة للاستثمار في أحد المشاريع التجارية، وأبديا رغبتهما في الاستثمار بالمشروع، فأجابهما أفراد العصابة....، وبات الطرفان يتحدثان عن طريق أحد تطبيقات التواصل، لتبدأ بذلك أولى خطوات جريمة الاحتيال.
اتفاقية تمويل واستثمار.. مزورة
ادعى أفراد العصابة أنهم ينتمون إلى الشركة، وأن الشركة عاقدة العزم على استثمار 32 مليون دولار مع شركة أخرى لتنفيذ المشروع التجاري، وأنها فتحت المجال من أجل الاستثمار في المشروع لمن يرغب في ذلك.
أكد الرجلان رغبتهما في الاستثمار بسبب السمعة الكبيرة للشركة واستمرا في التواصل مع أفراد العصابة الذين لم يتوانوا عن إقناعهما بحقيقة «المشروع الوهمي».
لدعم خطتهم، أرسل أفراد العصابة «مسودة اتفاقية تمويل واستثمار»، و«فاتورة لدفع رسوم فتح حساب بنكي»، و«ملف ضريبي» عبر بريد إلكتروني المصطنع إلى الرجلين، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، وإنما أرسلوا دعوة إلى الرجلين للقدوم إلى الدولة لغرض توقيع الاتفاقية بين الطرفين.
وفقاً لتفاصيل القضية، فإن «العصابة عبر إرسال الدعوة كانت تخطط لاستدراج الرجلين، وجلبهما إلى مصيدتها بعد الحضور إلى الدولة...»، وبالفعل تمكن أفراد العصابة من إقناع الرجلين، وقرر أحدهما الحضور إلى الدولة لإنهاء إجراءات البدء في الاستثمار.
اللقاء الأول وفاتورة أولى
بعد وصول الرجل إلى الدولة، رتب أفراد العصابة اللقاء الأول بحرفية عالية، فقد حضر 3 من أفرادها اللقاء، الأول انتحل شخصية مدير الشؤون القانونية في الشركة، وعرف عن نفسه باسم كاذب يدعى «ج.و»، فيما الآخران انتحلا شخصية موظفين في الشركة، واتخذا أيضاً اسمين كاذبين في التعريف عن نفسيهما للضحية.
ناقش الطرفان في اللقاء موضوع التمويل والاستثمار في المشروع التجاري، ثم عرض أفراد العصابة على الرجل بنود الاتفاقية التي تحمل شعار الشركة، ومدون فيها اسم المشروع الاستثماري وتفاصيله.
يقول الرجل «وقعت الاتفاقية معهم ثم طلبوا مني دفع مبلغ 12 ألفاً و700 دولار، أي ما يقارب 47 ألف درهم، على اعتبار أنها رسوم فتح حساب بنكي، وملف ضريبي للاستثمار، وسلموني فاتورة، وطلبوا مني إحضار المبلغ لدفعه لهم في اللقاء الثاني».
لحظة شك
انتهى اللقاء الأول، لكن الرجل ساوره الشك في حقيقة الرجال الذين التقاهم، وأصبحت لديه مخاوف منهم، فقرر أن يبدد هذه المخاوف بأخذ الاتفاقية والتوجه إلى المقر الرئيسي للشركة...، يقول «توجهت إلى مقر الشركة، وأبلغوني أن الاتفاقية والملف الضريبي اللذين بحوزتي مزورين، فتأكدت من مخاوفي، وعدم صحة مزاعمهم، وأنهم يسعون للاحتيال علي».
ضبط ثلاثة متلبسين
قدم الرجل بلاغاً إلى الشرطة حول الواقعة، فباشرت في إعداد كمين لأفراد العصابة في اللقاء الثاني الذي سيجمعهم مع الضحية من أجل أخذ المبلغ المالي المتفق عليه بين الطرفين.
في يوم اللقاء الثاني، لم يحضر الشخص الذي انتحل شخصية المستشار القانوني، وإنما حضر الموظفان وشخص آخر معهما ادعى للضحية أنه «كبير المديرين في الشركة»، وما إن هم أفراد العصابة في استلام المبلغ المالي حتى داهمتهم الشرطة وألقت القبض على الثلاثة متلبسين في جريمتهم.
7 تهم جنائية
رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق أفراد العصابة الثلاثة المضبوطين إلى الهيئتين القضائيتين الابتدائية والاستئناف، تتضمن 7 تهم جنائية بحقهم، أولها تهمة «الشروع في الاحتيال بالاستعانة بطريقة احتيالية، والادعاء بوجود مشروع كاذب وإمكانية تحقيق مكاسب مادية من ورائه».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبتهم عن هذه التهمة عملاً بالمادة 451 البند أولاً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص «يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو منفعة أو سند أو توقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله، وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم».
أما التهمتان الثانية والثالثة فتمثلتا في تزوير «الاتفاقية»، وتزوير «فاتورة»، فيما التهمتان الرابعة والخامسة فتمثلتا في استعمال «الاتفاقية لتنفيذ جريمة الاحتيال»، واستعمال «الفاتورة المزورة في الجريمة أيضاً»، وأما التهمة السادسة فتمثلت في «اصطناع بريد إلكتروني ونسبه إلى الشركة»، فيما التهمة السابعة فكانت «تقليد خاتم الشركة ودمغه على الاتفاقية والفاتورة».
الحبس والإبعاد
نظرت محكمة الابتدائية القضية، وقضت بمعاقبة المتهمين لمدة 6 أشهر وإبعادهم عن الدولة مع تغريمهم مبلغ 47 ألف درهم بعد أخذهم بقسط من الرأفة والرحمة، فيما أيدت محكمة الاستئناف الحكم لكنها ألغت غرامة الـ 47 ألف درهم لأن المتهمين لم يتمكنوا فعلاً من الاستيلاء على المبلغ، نظراً لفشل خطتهم.