18 سبتمبر 2023

من أفلام الجوائز.. هل يستحق Critical Zone الجائزة الكبرى؟

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

من أفلام الجوائز.. هل يستحق Critical Zone الجائزة الكبرى؟

هناك أمر غير طبيعي بخصوص هذا الفيلم، من إخراج علي أحمد زاده، إنتاج إيران/ألمانيا 2023، وهو أنه لو أن الفيلم كان، وبالطريقة والأسلوب الذي جاء عليهما، فيلماً غير إيراني، هل كانت لجنة التحكيم لمهرجان لوكارنو ستمنحه الجائزة الكبرى؟ لو كان فيلماً أميركياً أو أوروبياً على الشاكلة ذاتها، هل كان سيتجاوز أترابه من الأفلام المتسابقة؟

من أفلام الجوائز.. هل يستحق Critical Zone الجائزة الكبرى؟

في قرار لجنة التحكيم التي ترأسها الممثل الفرنسي لامبرت ولسون ورد تبرير يبدو، بدوره، نشازا، يقول إن الجائزة الكبرى منحت لهذا الفيلم كونه «ترنيمة للحرية والمقاومة في إيران». هذا سبب سياسي وليس فنياً والفيلم ليس فقط منافياً لما تعنيه كلمة «ترنيمة» بل يعرض أيضاً عالماً وضيعاً قائماً على تعاطي المخدرات والتجارة بها. كيف يكون عن الحرية والمقاومة وهو على هذا الشكل؟ هذا بالطبع لجانب أنه ليس فيلماً جيداً إلا بمقدار العشرين دقيقة الأولى، بعد ذلك لا عناصر جودة فيه، بل هو حالة واحدة لرجل يقود سيارته ليلاً، يلتقي بمن يبيعهم المخدرات، يشتم السائقين الآخرين بينما يقود سيارته بسرعة جنونية ويتعاطى المخدرات وينظف أنفه كل قليل.

من أفلام الجوائز.. هل يستحق Critical Zone الجائزة الكبرى؟

الكاميرا الصغيرة على رف السيارة أمام السائق، على طريقة جعفر بناهي (الذي يمكن الوثوق بنقده أكثر) في فيلم «هذا ليس فيلماً». وحقيقة أن معظم مشاهد «منطقة حرجة» تقع داخل السيارة يجعله ينتمي إلى مجموعة مترامية من الأفلام الإيرانية التي استخدمت السيارة وقبعت فيها. هذه الأفلام عادة ما تضطر للاكتفاء بتصوير داخل السيارة لأنها غير مرخص بها. هذا قد يكون الوضع هنا أيضاً، لكن ما يعرضه بعيد جداً على أن يكون نقداً لا لبطله أمير ولا للمجتمع الذي يعيش فيه.

في سيارة أمير (كما يؤديه أمير بوستي بلحية كثيفة وشعر طويل وملامح وجه ذابلة) هناك آلة نسمعها ترشده إلى أين يذهب. تعترضه لتحذره من حاجز أمني أو من خطر مقبل. ليس هناك (بعد) أداة كهذه تتطوع لترشد السائق من دون طلب منه. لذا، يبدو الأمر كما لو أن هذه الأداة مستخدمة في الفيلم لتؤكد أن أمير مسير وليس مخيراً. لكن الفيلم لا يدور مطلقاً حول هذه المسألة وتصرفات أمير الهاذية لا تعكس منحى فكرياً أو فلسفياً أو حتى نفسياً خاصاً.

من أفلام الجوائز.. هل يستحق Critical Zone الجائزة الكبرى؟

وفي حين لا يمكن أن يكون الفيلم حاز على موافقة الرقابتين الإيرانيتين (واحدة على النصوص والثانية على الفيلم بعد انتهاء العمل عليه) إلا أن بعض المشاهد (كتلك التي تقع في المطار) تبدو مكشوفة. شغل المخرج علي أحمدزاده يقدر كتنفيذ تقني وخلال الدقائق العشرين الأولى، كصاحب لمعات وموهبة واعدة، لكنه لاحقاً مربوط بوضع محدود لا يتغير ولا يثير. وبالتأكيد الفيلم ليس عن الحرية ولا عن المقاومة بل عن رجل فقد الإحساس حيال العالم بأسره.