21 سبتمبر 2023

Commondate فيلم افتتاح مهرجان فينيسيا.. ما له وما عليه

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

Commondate فيلم افتتاح مهرجان فينيسيا.. ما له وما عليه

هذا الفيلم «قائد» هو من إخراج إدواردو دي أنغليزي، من النوع الحربي، إنتاج إيطاليا 2023، وافتتح به مهرجان فينيسيا الأخير. تقع أحداثه في العام 1940 خلال العلاقة السياسية والعسكرية المتميزة بين إيطاليا وألمانيا. لا يتطرق الفيلم لجوانب هذه العلاقة ولا إلى السياسة لأي جانب أو طرف، لكنه يوفر غطاء مختلفاً عبر موضوع لم تثره السينما من قبل وإن فعلت فليس على نحو معروف.

Commondate فيلم افتتاح مهرجان فينيسيا.. ما له وما عليه

الطريقة التي اشتغل عليها المخرج إدواردو دي أنغليزي لتنفيذ هذا العمل ليست مختلفة عن التوقع. ذلك لأنه إذا ما كان جزءاً من اهتمامه الحديث عن الحب الذي يكنه الكابتن سلڤادور تودارو لزوجته، وهو ما يتكرر غير مرة خلال الفيلم بعدما يعتلي الكابتن الغواصة ويبحر بها، فإنه من الطبيعي البدء بتوفير جو تلك العلاقة والمشاعر العاطفية المتبادلة بينه وبين زوجته.

بعد ذلك يمر على مشهد نجده فيه يقود سرية البحارة متجهين، في لقطة طويلة، إلى الغواصة. أصوات نعالهم القوية على الرصيف تختلط بإطلاقهم نشيداً وطنياً بصوت متحد وواضح وعال. لا يبدو أن الغاية هنا هي شحن الأجواء للإثارة على الطريقة الهوليوودية، بل هي تتمة لرسم تاريخ مختصر يجمع بين عاطفته حيال زوجته وعاطفته حيال وطنه.
على ذلك، نجد الكابتن أبعد ما يكون عن تجسيد شخصية سعيدة بما تقدم عليه. على العكس يعتلي وجه الممثل بييرفرانشسكو فاڤينو حزناً لا يسعى الفيلم لتبريره لكنه يرسمه على ملامحه ما يعني أن الغاية بعيدة، بدورها، عن تخليد الكابتن كبطل بل الاحتفاء به كإنسان.

Commondate فيلم افتتاح مهرجان فينيسيا.. ما له وما عليه

هناك وحدة معالجة لهذا الفيلم وسير بالاتجاه الصحيح لبلورة عمل جيد يطرح ما يثير الاحترام من دون خطابة. أحياناً على نحو متوقع لكنه ليس ساذجاً أو إثارياً. ما يضر إلى حد بعيد هو أن الفيلم في النهاية لا يتطور صوب أهمية شخصية أو سينمائية فعلية.

هناك مناطق درامية مضطربة، لأن العمل على تجسيد شخصية ترنو لأن تكون أشبه بشخصية شاعر لديه قلب ينبض بالعاطفة يتعارض، إلى حد ملحوظ، مع إطلاقه ما يفيد بأنه سيدمر كل الأعداء ثم إنقاذه بحارة بلجيكيين بعدما دمر باخرتين عسكريتين تعرضتا له. الوازع الإنساني ذاته لم يتبلور كصفة بل كاختيار لحظوي يمر به بطله.

Commondate فيلم افتتاح مهرجان فينيسيا.. ما له وما عليه

في كل الحالات، «القائد» يعكس كذلك رغبة حذرة في القول إن إيطاليا لم تخطئ باختياراتها السياسية وأن جنودها وبحارتها لا يقلون شجاعة عن أترابهم من الحلفاء. هذه منطقة أخرى تغوص فيها القدم في الوحل: من ناحية من الجيد أن نتابع فيلماً ينبري لتقديم صورة معاكسة لتلك الكاريكاتورية والنمطية لا عن الإيطاليين فحسب بل عن الألمان أيضاً. لكن في غمار ذلك، وهذا بعض مناطق الوحل، هناك تلقائياً غزل بالمرحلة الفاشية وماسوليني (يأتي ذكره بضع مرات). لو كان الفيلم أنجز على أيام القائد الفاشي لمنحه ذهبية فينيسيا، المهرجان الذي أسسه القائد الإيطالي بقرار جريء.