هذا الفيلم هو أحد أفلام الجريمة والتشويق، من إخراج ديفيد فينشر، الولايات المتحدة 2023.
من كان ينتظر واحداً من تحف المخرج ديفيد فينشر وجد نفسه أمام فيلم أعلى من الوسط بمقدار لا بأس به لكنه ليس مساوياً لأفلام المخرج السابقة مثل Seven وZodiac. «القاتل» جيد في النواحي التقنية أكثر من نواحي الكتابة وتسديد الفيلم صوب مفاد ما.
القاتل هنا فردي الشأن لا علاقة له بالعصابات ولا يهتم إذا ما كان الفساد (أخلاقياً أو مادياً) مستشرياً بين الشرطة أو سواهم. كل ما يهمه هو تنفيذ المهام المسندة إليه بنجاح لكي يقبض أجره وانتظار المهمة التالية.
شيء مثير للدهشة يحدث هنا: الفصل الأول من المشاهد هو من تعليق صوتي لهذا القاتل الذي لا نسمع اسماً واحداً له، بل عدة أسماء يستعملها كلما طار من مدينة لأخرى. يقول صاحب الصوت (مايكل فاسبندر) أن هناك شروط عمل تمنحه ما بلغه من شأن وقوة في عالم الجريمة. يبدأ بتعدادها... أشياء مثل الانتباه إلى التفاصيل والتركيز على الخطة الموضوعة وعدم السماح بأي تعديل لها.
المهمة المسندة إليه تقع في باريس حيث سيقوم القاتل بقنص رئيس جمهورية ما. يراه بوضوح. تدخل امرأة لتشكل حاجزاً بينه وبين الضحية. يصبر. تنحني ثم تقف فجأة بعدما أطلق الرصاصة لتقع مقتولة. مشاهد الهرب من فرنسا وكيفية تصرفه لإخفاء كل معالم الجريمة مثيرة، كذلك باقي الأحداث التي يجد نفسه فيها في سعي للانتقام من قتلة صديقته لسبب لن يعرفه إلا لاحقاً.
الغاية من الفيلم هي تقديم بطل ميكانيكي التفكير. منهجي التصرف. يعرف كل شيء. يضع لنفسه كل تلك الشروط لكنه لا يتصرف دوماً بنصوصها. هو شيء متطور من شخصية تشارلز برونسون في فيلم مايكل وينر «الميكانيكي» (1972).
المخرج ديفيد فينشر
ذلك الفيلم كان ركيكاً وفقيراً في نواحيه الفنية جميعاً، لكنه يشترك مع هذا الفيلم في أن بطله يتبع الـ Method الخاصة لتنفيذ جرائمه. هذه هي نقطة اللقاء الوحيدة، كون المخرج فينشر أكثر وعياً من أن يقدم فيلماً ليس ذا مستوى. على ذلك، تخون بعض التفاصيل النوايا الحسنة. أحد نجاحاته أن الشخصية تبقى رمادية لا تكشف الكثير عن نفسها. هي ليست بطلة ولا يمكن اعتبارها مناوئة للبطولة. شخصية تقودنا بنجاح للحكاية التي تقع معها لكنها لا تكترث إذا ما أعجبنا بها أم لا.