ما زال البعض يتولى انتقاد هوليوود على أفلامها من زاوية أنه «لا يحب أمريكا». ننتقدها هنا حين تكون هناك حاجة محددة إلى ذلك، وهي إذا ما كان الفيلم رديئاً أو ركيكاً أو سخيفاً أو عنصرياً أو فاشلاً فنياً أو كاذباً أو استنساخاً لما سبقه. لكن لا نهاجم الفيلم لأنه أمريكي.
بالتالي، لا يهاجم الناقد فيلماً ما لأنه صيني أو روسي أو فرنسي أو نيجيري أو هندي أو مصري أو إيطالي أو أسباني أو ينتمي إلى أي دولة من دول الأرض بصرف النظر عن موقفه السياسي.
النقد المبني على حب دولة أو كرهها في الأساس خطأ. يجب ألا تكون هناك علاقة بين مصدر الفيلم وتقييمه النقدي، وإلا لبات علينا تجاهل وجود السينما الأمريكية كلها. وبما أن السينما الأمريكية والعديد من دول أوروبا الغربية ذات سياسة واحدة فلم لا أتوقف عن الكتابة عن السينما الأوروبية؟
هذا يتركنا أمام أفلام العرب والأتراك والإيرانيين والهنود والإفريقيين. وإذا ما وجدت أن الأتراك مالوا للغرب فيجب ضمهم إلى القائمة السوداء. وبالنسبة لدول أمريكا اللاتينية والإفريقية والعديد من دول آسيا الوسطى وتلك التي تقع في جنوب شرق آسيا فعلى الناقد أن يحمل مجهراً ليفحص سياسة هذه البلدان... هل تعارض الولايات المتحدة أو تقف إلى جانبها؟
هل هناك بالفعل من لا يزال يفكر بهذه الطريقة؟ نعم. تنم الأسطر بالنيابة عنه فإذا بها تخلط ما بين السينما والسياسة. بينما الطريقة الوحيدة للكتابة عن أي فيلم على نحو صحيح هي تقييم الفن في العمل. المضمون يتم ذكره (بصرف النظر عن وجهة نظره وما يعرضه) لكن الكيفية القول وليس القول هو المحك.
عنصرية فيلم د.و. غريفيث «مولد أمة» (Birth of A Nation) هوجمت بضراوة من أول يوم تم عرض الفيلم فيه سنة 1915 لكن هذا لم يمنع من تقديره فنياً لأن السينما هي التي تهم وليس السياسة.
إلى أن نحترم فن المبدع ونحب السينما لذاتها أولاً وأخيراً ونعرف كيف نقرأ الأفلام بعيداً عن السياسة والتيارات والآراء المسددة مسبقاً، لن يكون بإمكاننا الخروج من سياق معاد للأفلام جميعاً حتى تلك التي توافق بعضنا. النقد علم وليس رأي، والفيلم الجيد هو فن وليس منشوراً سياسياً.