هذا الفيلم الأنيمشن من إنتاج ياباني 2023 وإخراج هاياو ميازاكي الذي يعود بعد 10 سنوات من قرار اعتزاله بفيلمه الجديد «الصبي ومالك الحزين» وحسناً فعل
المخرج هاياو ميازاكي
كسواه من أفلام المخرج (مثل Spirited Away وThe Wind Rises) لا مجال هنا لتجاهل أن ما يحرك هذا المخرج لتحقيق أفلامه هو الرغبة في الحديث عن العائلة التي عليها أن تبذل ما يبدو مستحيلاً لتأكيد ألفتها ومحبة أفرادها كل للآخر. ميازاكي، بذلك، مخرج إنساني التفكير والغاية ورسوماته، انطلاقاً من ذلك، هي بدورها مشبعة بتلك الروح وخالية من أدوات الترفيه المفتعلة في أفلام ديزني وسواها.
هذا يجب ألا يعني أن «الصبي ومالك الحزين» فيلم غير ترفيهي، لكن البون شاسع بين الترفيه الوارد هنا وذلك الاستهلاكي الطاغي على النوع هذه الأيام.
يضع المخرج حكايته خلال الحرب العالمية الثانية. خسر بطله ماهيتو والدته وما زال تحت تأثير الصدمة. بعد زواج أبيه من امرأة أخرى يقرر ماهيتو الانطلاق للبحث عن أمه بعدما أخبره مالك الحزين أنها ما زالت على قيد الحياة.
من البداية يستخدم المخرج مشاهد تعكس البيئة والخطر والموت. النار متصاعدة من أطراف طوكيو والصبي يركض منادياً أمه. لكن مستوى الرسوم التي سنشاهدها لاحقاً، إثر انطلاق الصبي للبحث عن والدته وبدء توزيع الأحداث بين عالمين كلاهما خيالي مفعم بالجماليات، يزداد تفعيل تلك المشاهد المرسومة باستخدام الألوان الأساسية وتوفير الخلفيات المناسبة لها.
الفيلم لابد أنه كان في دماغ مخرجه قبل الشروع بتصميم وتنفيذ أول مشاهده لأنه بنى عمله على فعل الانتقال من مشهد بديع، مضموناً وشكلاً، إلى آخر يساويه أو يرتفع عنه. في النهاية نتابع وحدة متماسكة من الصنعة النيرة تؤازرها عناصر السرد على نحو يتيح للمشاعر الإنسانية البريئة بأن تتولى عملية الدفع الدرامي، ما يعني أن الفيلم، مرة أخرى، ليس مجرد صور مؤثرة بل ينتمي إلى مضامين على ذات النسبة من التأثير.
ما ينتظره المرء من فيلم ممهور بتوقيع هذا المخرج هو ما سبق ذكره من رسم مدهش من مخرج ما زال يرسم باليد وليس على جهاز الكمبيوتر. التفاصيل والتأني والحركات كلها من صنع الموهبة الكبيرة التي تعيش داخل المخرج. كذلك الألوان الرائعة التي يتكون منها الفيلم ثم الإيقاع الجيد وغير المتهالك لإثراء طالبي السرعة والانبهار. هذا هو عالم مايازاكي المتميز عن سواه.