تختلف كتابة النقد السينمائي (أو النقد «الفيلمي» بالتحديد) اليوم عما كان عليه سابقاً (في الخمسينات وحتى أواخر القرن الماضي).
تختلف في تركيب الجمل وفي إصدار الأحكام وطريقة الوصول إليها. وفي المقام الأول تختلف في أسلوب الكتابة والتقييم ذاتيهما.
اليوم بات منتشراً لدى كثيرين حب البروز وإظهار الذات الأمر الذي لا يمارسه سوى من لديه عقدة نقص. بات كثيراً ما يكتب بعض النقاد في العالم العربي، والعديد من نقاد الغرب، متحدثاً عن نفسه في سياق نقده للفيلم.
يكتبون شيئاً مثل: «لم يفاجئني المستوى الفني للفيلم فقد تعودت على أفلام هذا المخرج...» أو «لم أكن أتوقع أن يكون هذا الفيلم بذلك السوء» أو «سيعجبكم هذا الفيلم ويدهشكم كما أدهشني».
هذا كله هراء وثرثرة بصرف النظر عما إذا كان الحكم صائباً أو لا، وبصرف النظر أيضاً عما إذا كان الناقد فهم مفادات الفيلم الفنية والدرامية أو اهتم فقط بالشكليات.
النقد هو تجربة علم وإلمام وليست آراء مشاعة، والناقد الصحيح هو من يبني موقفه من الفيلم لا على أساس كيف استقبله وماذا سيقول للقارئ ولا حتى كيف سيبدو مقاله وسط المقالات الأخرى، بل يبنيه على علمه ودرايته ورؤيته وهذا يكفي.
هكذا تعلمت من نقاد الستينات والسبعينات في مجلات بريطانية أمثال فيليب ستريك وجوزف ماكبرايد ووتوم ميل وديفيد ولسون وجون جليات. كل هؤلاء وسواهم غمر من تاريخ السينما قبل أن يكتب كلمة نقد واحدة.
كل هؤلاء يوحون للقارئ أنهم ولدوا ليكونوا نقاداً من دون أن تتملكهم عقدة إثبات الذات لأنهم يعرفون تماماً ما يكتبون، وما يكتبون هو نتيجة معرفة شاملة بالسينما والأفلام والمصادر الأدبية والحياتية المختلفة. لا أكثر من ذلك ولا أقل.