بدأت الحكاية بقصة حب خيالية، لكن النهاية كانت مأساوية لم تتوقعها ولم تخطط لها، السعادة التي طالما حلمت بها تحولت إلى مأتم وكابوس سيظل يطاردها طيلة حياتها، ونجلها الذي حاربت الدنيا كلها من أجله بها تبرأ منها بعدما وضعت رأسه في الطين وسولت لها نفسها قتل عروسه وحبيبته بدم بارد.
ولدت بطلة القصة في كنف أسرة متوسطة الحال، حياتها كانت طبيعة، إلى أن وقع زلزال هز كيانها. توفى والدها بعد صراع مع المرض وترك لها شقيقها الأصغر لرعايته، كان بمثابة الابن لها وليس شقيقها الأصغر فقط، دفعتها الظروف للعمل في إحدى الشركات موظفة، صباحاً وفي أحد المكاتب ليلاً سكرتيرة للمساعدة في التغلب على نفقات الحياة الصعبة، ووسط هذه الحياة الملبدة بالصعوبات والمشقة.
قصة حب خيالية
شاهدها أحد العملاء، كان الأمر أشبه بالحلم الذي لا يمكن تصديقه في بداية الأمر، أعجب بها هذا العميل وكان يعتبر من صغار رجال الأعمال لكن كان يبدو من مظهره أنه سيصبح له شأن عزيم في المستقبل خصوصاً أنه سليل أسرة ميسورة الحال، لكن في أمور الهوى والمشاعر فإن القلب له أحكام. نجحت هذه الفتاة في السيطرة على كل مشاعره وتفكيره رغم الفارق الكبير بينهما في المستوى الاجتماعي والمادي، لكن ليس باليد حيلة، صارحها هذا الشاب بإعجابه بها، كانت فرحتها عارمة، لم تصدق ما سمعته، لكن هذه الفرحة لم تكتمل..
زواج «بالعافية»
فاتح الشاب أسرته في أمر زواجه من هذه الفتاة، لكن الرد كان مفاجئاً. رفضت أسرته هذه الزيجة شكلاً ومضموناً نظراً للفارق الاجتماعي بين الطرفين، لكن الشاب أصر على الارتباط بمن اختارها قلبه، قامت الدنيا ولم تقعد بسبب هذه الزيجة، ما دفع الشاب إلى الخروج عن عادات وتقاليد الأسرة، تمرد على كل شيء وقرر خوض المغامرة المجنونة بمفرده بعيداً عن أعين العائلة في تحد للجميع، تزوج بمن اختارها قلبه رغماً عن الجميع ووافقت الفتاة بعدما غرقت في الحب.
كانت هذه الزيجة تمثل للعروس طوق النجاة من الحياة القاسية، ومثل لها الارتباط بهذا الشاب نقطة الضوء وسط الظلام الذي كان يحيط بحياتها، لكن هذه السعادة لم تدم طويلاً. بعد الزواج سافرت العروس برفقة عريسها إلى إحدى المدن الساحلية لقضاء شهر العسل، لكن بعد بضعة أيام اضطر العروسان لقطع الإجازة بسبب مشاكل في العمل خاصة بالعريس الشاب. دلفت الفتاة إلى شقة الزوجية التي جهزها حبيبها على أفضل ما يكون، ولم يتوقع أكثر المتشائمين ما سيحدث من أهوال بعد ذلك.
علمت أسرة الشاب بتفاصيل هذه الزيجة المشؤومة بالنسبة لهم، ما دفع والدة العريس إلى الذهاب إلى منزل نجلها أثناء فترة غيابه عن المنزل، هددت العروس بقسوة، وطلبت منها أن تطلب الطلاق من نجلها وفي مقابل هذا الأمر ستمنحها مئات الألوف، لكنها فوجئت بتعنت شديد من الفتاة وتمسك غير عادي بزوجها الذي مثل لها طاقة الأمل التي أنارت حياتها. نشبت مشادة عنيفة بين الطرفين قامت على إثرها والدة زوجها بمحاولة طردها من المنزل وإلقاء كل ملابسها ومتعلقاتها في الشارع، كان الأمر عنيفاً ومثيراً، عبثاً حاولت الفتاة إثناء والدة زوجها عن هذه التصرفات، لكن كل محاولتها باءت بالفشل، ما دفعها للتشاجر مع حماتها والاشتباك معها بالأيدي، وأثناء الشجار العنيف بينهما دفعتها والدة عريسها بقوة من الشرفة، لتسقط من الطابق العاشر جثة هامدة.
أم العريس القاتلة
كان الأمر مثيراً ومأسوياً وغير متوقع، فجأة تحولت العروس التي لم تمر على زواجها أيام معدودات، إلى جثة هامدة، بدلاً من الاستمتاع بحياتها. فوجئ الأهالي بصوت الارتطام القوي، هرول الجميع على مصدر الصوت، كانت المفاجأة فتاة جميلة مسجاة على الأرض غارقة في دمائها، حاول الأهالي نقلها بسرعة إلى مستشفى العاصمة في محاولة إسعافها لكن دون جدوى حيث أكد الأطباء أنها فارقت الحياة فور سقوطها. قام الأهالي باستدعاء رجال شرطة العاصمة، وعند سؤال حماتها عن أسباب سقوط العروس الجميلة من الشرفة، رجحت أن تكون أصيبت بدوار واختل توازنها، ما تسبب في سقوطها بهذا الشكل مشيرة إلى أنها كانت في غرفة النوم ترتب بعض الأغراض.
لم يقتنع رجال البحث الجنائي بهذا الأمر، كانت كل الدلائل تشير الى وجود شبهة جنائية، تم التحفظ على السيدة (والدة العريس الشاب) لحين استكمال التحقيقات وانتظار تقرير الطب الشرعي، الذي أثبت وجود خدوش وجروح في جثة المجني عليها، ما يؤكد ضلوع والدة العريس في سقوطها، وبتضييق الخناق عليها اعترفت أنها فوجئت بنجلها يضرب بكلامها عرض الحائط ويتزوج بفتاة وصفتها بأنها دون المستوى رغماً عنها، ويوم الحادث ذهبت إليها وطلبت منها الانفصال عن نجلها مقابل مبلغ مالي كبير، وعندما رفضت المجني عليها تنفيذ كلامها، نشبت بينهما مشاجرة عنيفة ما أجبرها على دفعها بقوة فاختل توازنها وسقطت من الشرفة.
تمت إحالة المتهمة إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيقات الجارية معها، وإحالتها إلى محكمة جنايات العاصمة للنظر في أمرها.
إعداد: كريم سليمان