الصيدلية التي جلبت الشهرة للبلدة
هناك بلدة صغيرة، شمال فرنسا، اسمها مارلي جومون. عدد السكان لا يتجاوز 3 آلاف شخص. وفي البلدة دكاكين قليلة: خباز وجزار وبائعة ورد وحلاق وخبير علاج طبيعي وصيدلية. والأهالي قانعون بما عندهم. يكفيهم أن البلدة نظيفة وجميلة وآمنة. الكل فيها يعرف الكل. غير أن مدام ماريفون، صاحبة الصيدلية، قررت التقاعد لبلوغها السن القانونية. لم تعد قادرة على الوقوف طيلة النهار بعد أن اقتربت من السبعين.
ماذا يفعل الأهالي بدون صيدلية توفر لهم الدواء؟ إن الأطباء والصيادلة يهربون من القرى والبلدات الصغيرة ويفضلون العيش في المدن. الزوجة تريد نادياً رياضياً والأبناء يريدون ثانويات متخصصة وجامعات.
كاميني أمام مدخل البلدة
قرر سكان مارلي جومون أن يتشاركوا في حملة على مواقع التواصل للترويج لبلدتهم وكشف محاسنها ومواطن جاذبيتها. عادوا إلى أغنية مصورة قديمة لمغني الراب «كاميني» وأعادوا بثها في مواقعهم. إن عمر الأغنية 16 عاماً لكنها تمر على شوارع البلدة وتمتدحها وتصور الأهالي وأصحاب الدكاكين.
أمسك كل واحد بهاتفه وراح يصور أجمل ما في بلدته ويبث التسجيلات. هذه الكنيسة تعود للقرن الثامن عشر، إن وزن ناقوسها طنان وهو تحفة نادرة. وهذه السنديانة مزروعة قبل 300 سنة. وهذه الساقية تتحول إلى متنزه للعائلات في الصيف. وهذه الحديقة مرتع للفراشات في الربيع. وهذا هو مسيو فنسان، الحلاق الذي يهتم بتشذيب لحى الرجال. وهذه هي المدموازيل سيلفي التي تصفف تسريحات الشابات في الأعراس. وهذا هو سيمون الذي يصنع ألذ كرواسون بالزبدة للباحثين عن فطور فرنسي أصيل. وهذه هي صيدليتنا العامرة التي تحتاج لمن يتولاها.
بعد أسبوع تحقق الحلم وتلقت مدام ماريفون خمسة عروض لشراء صيدليتها. لن يضطر الأهالي لقيادة سياراتهم إلى المدن المجاورة لشراء البنادول للموجوعين منهم وشراب الكحة لأطفالهم. وهم اليوم يحتفلون بانتصارهم وتتسابق قنوات التلفزيون لزيارة البلدة والحديث عن حملة ساكنيها لإنقاذ صيدليتهم من الإغلاق. وهناك اليوم من يفكر للانتقال والعيش في مارلي جومون بعد أن أغرتهم تسجيلات الأهالي ولطافة ساكنيها. والمثل العربي يقول: الجار قبل الدار.