خلاف بين المخرج الأول لهذا الفيلم أنطوني مان وممثله الأول كيرك دوغلاس نتج عنه عزل الممثل للمخرج وتعيين ستانلي كوبريك الذي قرر بعده النزوح من أميركا إلى أوروبا.
على الشاشة يبدو هذا الفيلم التاريخي، الولايات المتحدة 1950، الذي تقع أحداثه قبل 73 سنة من الميلاد، فيلم صراعات بين الطبقة الحاكمة في روما وبين عبيد من مختلف الأجناس والبلدان الذين ثاروا تحت قيادة متمرد واحد اسمه سبارتاكوس.
على الشاشة أيضاً هو دراما من القتال بين قوتين كل منهما تنتمي إلى أحد المعسكرين المذكورين حالما نجح سبارتاكوس وأتباعه من الهرب من ميادين القتال الترفيهية لتكوين جيش كبير بهدف الهجرة عبر الجنوب الإيطالي للأبد. الحاكم كراسوس لم يرد لهؤلاء مغادرة البلاد وأرسل جيشاً جراراً للمعركة الأخيرة التي أرادها فاصلة.
كراسوس (كما قام به لورنس أوليڤييه بتألق فريد) له الكلمة الأخيرة في هذا المجال، فالمعركة تنتهي بهزيمة سبارتاكس (كيرك دوغلاس) ومحاربيه. وكخط مواز هناك قصة حب بين سبارتاكوس وخادمة اسمها فارانيا (جين سيمونز) يدركها كراسوس فيحاول استغلالها للتأثير في مجريات الأمور. ومن الشخصيات الأساسية الأخرى باتياتوس (بيتر أوستينوف) وغراكوس (تشارلز لوفتون) اللذان يحاولان توظيف كل ما سبق لمصالح أولهما المادية وثانيهما السياسية.
هذا، بالإضافة إلى معارك رائعة الإدارة والتنفيذ (خصوصاً في نصف الساعة الأخيرة). ما نراه على الشاشة مثير، لكن الفيلم في واقعه حمل صراعات خلف الشاشة لا تقل إثارة.
إنه الفيلم الأخير لستانلي كوبريك تحت وصايا الاستوديوهات (يونيفرسال في هذه الحالة). كان استلم المهام بعد خلاف حاد بين منتج الفيلم وبطله كيرك دوغلاس ومخرجه الأصلي أنطوني مان. وجد كوبريك نفسه مقيد اليدين خدمة لسيناريو لا يستطيع التدخل فيه، وتبعاً لتقاليد الفيلم التاريخي كما تمارسه هوليوود.
لكن الخلاف بين المخرج مان والمنتج دوغلاس لم يكن الوحيد. كان هناك خلاف بين المنتج وبين كاتب السيناريو دالتون ترامبو. فالأول أراد الفيلم إيحاء بما تعرض له اليهود من اضطهاد (رغم أن سبارتاكوس لم يكن ذا ديانة) بينما أراد الثاني التركيز على الفحوى الطبقي في حكاية يجب ألا تحيد عن هذه الغاية. فاز ترامبو وبتأييد ضمني من كوبريك كما يشهد الفيلم.
ولم يكن العديد من الممثلين الرئيسيين راضياً عن توزيع الأدوار. أساساً، بعث دوغلاس بسيناريوهات مختلفة للممثلين الذين أراد ضمهم إلى الفيلم بسبب أسمائهم الرنانة. في تلك السيناريوهات أوحى بأن دور الممثل المنتخب كبير. على هذا الأساس وافقوا على الالتحاق بالفيلم ليكتشفوا أن السيناريو الذي يجري تصويره مختلف عن ذلك الذي استلموه وأدوارهم بالتالي محدودة.
ممن انطلت عليهم الحيلة هربرت لوم وجون آيرلاند ووودي سترود وتوني كيرتس الذي سأل الممثلة جين سيمونز (كما هو موثق): (من الذي علي أن أتملق لكي أتخلص من هذا الفيلم؟).. جوابها كان، وبصوت مرتفع، (عندما تعرف أخبرني).
ببراعة نجا البريطاني لورنس أوليڤييه من الشرك. دوره كان كبيراً من البداية، وهو أفضل الموجودين في هذا العمل، يمثل بعينيه وبإيماءاته وحواره، يعرف كيف يخلق شخصية تتجاوزه كممثل لتصبح الغاية والنتيجة. في المقابل لم يكن لدى دوغلاس سوى تعبير طاغ واحد بطبيعة الحال وليس هناك من مشهد يعكس جوانب أخرى من شخصيته سوى تلك العاطفية القليلة.