في كتاب وضعه جون ماكاب قبل عقود بعنوان «مستر لوريل ومستر هاردي: سيرة حياة متعاطفة» ذكر له ستان لوريل أن الغاية من الأفلام التي تصور قيام معركة قذف بقطع الحلوى في حفل ما.
معارك «الغاتو» في الأفلام الكوميدية الصامتة (وبعض الناطقة أيضاً) تجلب المسرة لعدة أسباب، أولها هي معارك جادة. رامي الحلوى هو شخص يريد إصابة وجه شخص آخر لسبب جاد، لكن هذه الإصابة تصبح كوميدية صافية حال تجد الحلوى وجه الشخص الآخر. هي أيضاً سريعة الانتشار، ما إن يقذف أحدهم بقطعة حلوى حتى تتطاير كل القطع الأخرى وتحط على الوجوه... ثم يخرج كل هؤلاء بلا إصابات ضارة. كل ما في الأمر أن عليهم لعق ما تيسر منها.
بما أن المشاهد هو «بصباص» في البداية والنهاية ويهوى رؤية الآخرين ملطخين بالشوكولا والڤانيلا، فإن ذلك يجلب له الضحك. فقط تصور لو أنه أصيب بواحدة من تلك القطع الكبيرة رماها عليه شخص ما في الفيلم. أعتقد أنه سيهرب وسواه من الصالة فزعاً.
منافسة متكافئة بين لوريل وهاردي
بالمناسبة، «لوريل وهاردي» هما أفضل ثنائي كوميدي أنجبته السينما في أي مكان. أفضل من بد أبوت ولو كوستيللو، وأفضل من الأخوة ماركس، وأفضل بكثير من The Three Stooges («الأضحوكات الثلاث»).
لهذا التفضيل موجباته الفعلية. هما ليسا مجرد ممثلين التقيا ذات مرة وأدلى كل منهما بدلوه من أسباب الضحك ثم انزويا، بل خامة ماثلة إلى اليوم مشغولة بكثير من التجانس والعناية وبسيطة التكوين في الوقت ذاته. مشكلة بد أبوت ولو كوستيللو أن الأول دائماً المتلقي، ليس مشاركاً في إصدار النكتة. الإخوة ماركس.. ثرثرة وافتعال. «الأضحوكات الثلاث» هم قاع الكوميديا التهريجية. أما لوريل وهاردي فهما فنانان متكافئان على الشاشة.
«هل تذكر عندما كنت غبياً؟» يقول لوريل لهاردي، فيجيب الثاني بنعم، يقول لوريل بكل بساطة: «الآن صرت أفضل». يهز هاردي رأسه موافقاً قبل أن ينتبه إلى المعنى المبطن!. في فيلم آخر يتولى هاردي (البدين) شرح تعليماته للخادم الجديدة، فيقول له: «تعمل خمسة أيام في الأسبوع. الويك-إند لك»، يتدخل لوريل مضيفاً: «والسبت والأحد أيضاً».
هناك اختيارات كثيرة وكلها نافعة. ليس أن أفلامهما فنية، لكنها مثيرة للضحك لمواقفها. إذا كان لابد من اختيار فيلم واحد فليكن The Music Box من الثلاثينات.
الموتى الأحياء
السينما الصامتة هي كنز مثل أي قطعة موسيقية كلاسيكية أو لوحة بديعة أو رواية رائعة. ليس أن كل الأفلام جيدة (وهذا ما زال الوضع سائداً لليوم إذ ليست الأفلام العصرية على مستوى واحد)، لكن ما هو جيد منها ينضح بجماليات فنية سواء أكان كوميدياً أو درامياً.
يتطلب الأمر كتاباً لوضع قائمة بأفضل 100 فيلم صامت. وإذا ما وضعت فإن هناك 100 أخرى لم يتسن لها الانضمام إلى القائمة.
الفيلم الصامت هو السعي للتعبير الكامل بالصورة. بعضها يصيب وبعضها يخيب، لكن من يصيب ينجز عملاً فريداً يشاهده المتيمون بالسينما ويفرحون به كما لو كان فيلماً جديداً من إخراج كريستوفر نولان أو ترنس مالك.
ميزة أخرى لابد من ذكرها بالنسبة لأي فيلم من تلك الفترة وحتى نهاية الأربعينات، وهي أن كل من تراهم على الشاشة ماتوا. رغم ذلك تراهم حين كانوا أحياء. أمر لا يمكن أن يتم إلا في الأحلام الليلية، وحتى في تلك الأحلام فإنك قد تحلم بشخص أو اثنين فقط.