فيلم بإنتاج مشترك تشلي - إسباني 2023، من إخراج لون شرفغ، وهو من نوع الدراما العائلية. بعد سلسلة من الأفلام التي تناولت علاقة مخرجيها بالسينما أو دارت حول السينما في حياة أبطال الفيلم، يأتي «قاصة الفيلم» كإضافة لما سبق.
كنا شاهدنا في هذا الاتجاه أربعة أفلام في العام الماضي تدور حول هذه العلاقة، هي «زمن القيامة» (Armageddon Time) لجيمس غراي، و«ذا فابلمانز» لستيڤن سبيلبرغ، وفيلم كنيث براناه «بلفاست»، وفيلم سام مندز «إمبراطورية الضوء»، ثم فيلم دامين شازيل «بابل». كل غنى على ليلاه حول رؤيته أو علاقته بالسينما في نوع من التحيات المرحب بها في هذا المجال.
الآن يأتي دور المخرجة الدنماركية لون شرفغ التي استلمت مهمة كان عاينها المخرج البرازيلي وولتر سايلس ثم ولى عنها. استلمت الإسبانية إيزابل كواشت المشروع لحين ثم مضت عنه. كل من المخرجين السابقين مذكور في بطاقة الفيلم وعند شريط النهاية ما يعني أنهما شاركا في كتابة السيناريو، لكن أي نسخة لا أحد يعرف.
ما يهم هنا أن معالجة شرفغ لهذا الموضوع جديدة في نواح عدة. مثلاً العلاقة المرتسمة بين الإنسان والشاشة تتولاها فتاة صغيرة تستطيع أن تحفظ تفاصيل كل فيلم تراه. وهذه الفتاة تنتمي إلى عائلة من الشغوفين بحضور الأفلام تجمع أفرادها وتؤم صالة السينما كل يوم أحد لترى فيلم الأسبوع.
وهذه العائلة بدورها تعيش في قرية تكمن في ركن قصي وبعيد من جمهورية تشيلي اسمها أتاكاما: 1600 كلم من الصحراء الجافة. سبب وجود القرية هناك يتعلق بوجود منجم للفوسفات وسبب وجود الصالة مرتبط بالقرية في أحداث تقع في الستينات التي كانت تشهد تقلبات سياسية في الصراع على البلاد بين اليسار واليمين.
لا يتحدث الفيلم كثيراً في السياسة، لكنه يستخدم دلالاتها عبر ترحيب أهل القرية بانتخاب سلڤادور أللندي رئيساً على أمل تعزيز مصالح الطبقة العاملة. عمال المنجم يعانون شظف المكان وقسوته لكن النساء لديهن فرصة حضور أفلام مثل «مظلات شربورغ» و«الرجل الذي قتل ليبرتي ڤالانس» وسواهما. عندما يصاب رب الأسرة في حادثة خلال عمله في المنجم تشح الإمكانات المادية وتفرض انتخاب ابنة واحدة كل أسبوع لدخول الصالة بمفردها ومشاهدة الفيلم الوحيد المعروض. هن أربع بنات ما يعني أن بطلة الفيلم ستشاهد فيلماً واحداً في الشهر (إلا في بعض الاستثناءات) تعود به إلى شقيقاتها وتقص الحكاية. وهي الأكثر دقة وتركيزاً.
هذه الذكريات تواجهها مشاكل الكبار. الزوج المصاب والزوجة التي لم تعد تتحمل المكان وقسوته فتتركه وتغادر.
«قاصة الفيلم» فيه بذور من فيلم جيسيبي تورناتوري الشهير «سينما باراديزو»، لكن هذه البذور لا تنبت عملاً مستوحى من ذاك أو شبيهاً به إلا من حيث إن البطولة هي لصبي (في الفيلم الإيطالي) وفتاة (في هذا الفيلم) في عمرين متقاربين.
في مجمله يتمتع «قاصة الفيلم» بميزة تناوله وضعاً اجتماعياً معقداً بسهولة سردية عامة. إذ تغادر الأم تلك البقعة (وهي التي كانت تحلم أساساً بحياة أفضل كممثلة)، تبقى ابنتها مع شقيقاتها على أمل أن تمنحها الأفلام التي تراها كل ما تحتاجه من حب للحياة رغم صعوبتها. لا يقرر الفيلم عنها، لكنه ينتهي بتوجيه تحية ضمنية كبيرة لها.