كادت علبتا سجائر أن تورطا امرأة مسافرة في قضية خاصة بجلب مواد مخدرة في غير الأحوال المرخص بها قانوناً إلى الدولة، إلا أن القضاء أنقذها من هذه الجريمة بعد مداولات تمحورت حول «مصنعية هذه السجائر».
تفاصيل القضية التي اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكم محكمتي الجنايات والاستئناف في دبي، تؤكد أهمية «وعي المسافرين» بمحتويات ما يحملونه معهم، ويشترونه من مواد قد تكون مباحة في دولهم، ومحظورة في دول أخرى خاصة إذا كانت محتوياتها مواد مخدرة.
بدأت تفاصيل القضية، عندما وصلت المسافرة قادمة من موطنها الأم إلى مطار دبي الدولي حيث نزلت من الطائرة وتوجهت إلى مكان استلام الحقائب إلا أن المفتشين شاهدوا في داخل حقيبتها من خلال جهاز كشف الأشعة السينية، علبتي سجائر تحتويان على مواد تدعو إلى الشك في مكوناتها.
باشر المفتشون تفتيش الحقيبة يدوياً، فعثروا على حافظة سجائر معدنية «علبة معدنية» بنية اللون، في داخلها 6 سجائر تحتوي على عشبة خضراء يشتبه أن تكون لمادة الماريجوانا المخدرة المحظورة في الدولة.
استكمل المفتشون التفتيش وعثروا أيضاً على علبة سجائر أخرى مزدوجة اللون «أزرق وبنفسجي» تحتوي في داخلها على 40 سيجارة من مادة الماريجوانا المخدرة، ليصل مجموع ما وجد في حوزة المسافرة إلى 46 سيجارة.
«لا أعلم»... «مسموحة في بلدي»
بعد مواجهة المسافرة بالسجائر المضبوطة بحوزتها، قالت في التحقيقات «أنها اشترتها بالفعل من محل في موطنها الأم، وهي عبارة عن سجائر تحتوي على عشبة الماريجوانا، وذلك لاستعمالها الشخصي كونها مسموحة في بلدها»، دافعة بـ «أنها لم تكن تعلم بأن هذا النوع من السجائر ممنوع في الدولة هنا».
الاتهام: جلب مواد مخدرة
تطبيقاً للقانون في حال ضبط مواد مخدرة مع أحد المسافرين، رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق المسافرة إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات بتهمة «جلب 46 سيجارة تحتوي على مادة الماريجوانا في غير الأحوال المصرح بها قانوناً».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبتها عملاً بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والذي ينص على عقوبة الحبس أو الغرامة إلى جانب عقوبة الإبعاد عن الدولة ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة.
في المحكمة: المادة المخدرة.. قبل أم بعد؟
تداولت المحكمة الابتدائية القضية، حيث مثلت المرأة أمامها ومعها محامي الدفاع عنها، وأنكرت التهمة الموجهة إليها بجلب المواد المخدرة، فيما طلب محاميها بالقضاء ببراءتها لبطلان إجراءات إلقاء القبض والتفتيش، وانتفاء القصد الجنائي من قبل موكلته التي لم تكن تعلم بأن منتج السجائر الذي اشترته مجرم في الدولة.
كما وطالب المحامي بإحالة السجائر المضبوطة إلى المختبر الجنائي لاحتساب وزنها من أجل معرفة فيما إذا كانت مطابقة لوزن العلبة المصنوعة من الشركة الموزعة، ولا دخل لموكلته بإضافة مواد مخدرة إلى محتوياتها، أم أن هذه السجائر معدلة من قبلها.
ودفع المحامي أيضاً أن موكلته تستخدم هذه السجائر في موطنها كونها تعاني مرضاً عضالاً ألم بها، فضلاً عن أنه مصرح تناول هذه السجائر في بلدها ومتوفر في الأسواق.
استجابت المحكمة إلى طلب المحامي، وطلبت «إرسال السجائر إلى الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة لفحصها، وبيان وزن المادة المخدرة «صافياً»، وما إذا تم إنتاجها مصنعياً بالحالة التي ضبطت عليها أم أنه تمت إضافة المادة المخدرة إليها بعد الإنتاج من قبل المتهمة».
نتيجة تقرير الأدلة الجنائية
جاء رد تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة بأنه «لم يقطع بأن المتهمة غيرت في طبيعة المضبوطات «السجائر»، كونه تعذر بيان ما إذا تم إنتاجها مصنعياً بالحالة التي ضبطت عليها أم أنه تمت إضافة المادة المخدرة إليها بعد الإنتاج».
«الخروج من دائرة التأثيم والتجريم»
رأت المحكمة أن «نتائج تقرير الأدلة الجنائية يفسر لصالح المتهمة في عدم تدخلها بمحتويات السجائر أو قيامها بوضع مواد مخدرة في داخلها، وإنما اشترتها على ما هي عليه، خاصة وأنه لم يسبق وأن ضبطت المسافرة في حالة إدخال مواد مخدرة إلى الدولة».
وبينت المحكمة «أن هذه الدعوى هي المرة الأولى بحق المتهمة التي يتم ضبطها فيها هذا النوع من القضايا، وبالتالي تخرج واقعة (قضية) تعمدها جلب مخدر من دائرة التأثيم والتجريم».
أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها ببراءة المسافرة من التهمة الموجهة إليها بجلب مادة الماريجوانا المخدرة إلى الدولة، وأيدتها محكمة الاستئناف بحكم البراءة أيضاً، لكن هذه القضية فيها رسالة توعوية مهمة خاصة لمحبي السفر بأهمية «معرفة محتويات المنتجات التي يشترونها خلال فترة تنقلهم في بلدان العالم المختلفة».