هذا الفيلم من نوع الدراما، إخراج أحمد عبدالله - مصر 2022، يحمل سماته الحزينة فوق راحة يده. حكاية بواب في الزمن الحاضر جسداً وفي الزمن الماضي روحاً.
لن يطول البحث عمن يؤدي دور البواب في فيلم أحمد عبدالله الأخير، للآن، قبل اختيار الممثل سيد رجب للدور. يملك الممثل السن المناسب والوجه المفعم بالتموجات الرقيقة والانفعالات التلقائية، وفوق ذلك كله هو ممثل جيد فيما يقوم به هنا.
لم يمنح المخرج لهذا البواب الذي يحرس فيلا تحمل الرقم 19ب اسماً. هو بواب من جملة ملايين البوابين في شتى مدن مصر. لكن موقعه في مدينة القاهرة التي يلتقطها مصطفى الكاشف كما هي اليوم. لا جماليات ولا رومانسيات والنوستالجيا الوحيدة المتاحة هي تلك التي تعيش في بال البواب وما ترمز إليه الفيلا الخالية من السكان.
أصحابها، يقول السيناريو الذي وضعه المخرج، غادروها منذ زمن بعيد، تركوا لها هذا البواب وهجروها. يتقاضى راتبه البسيط الذي لم يرتفع منذ عقود. سلوته هي الحيوانات الأليفة والطبيبة التي توفر لها الطعام والبواب المجاور وابنته يارا (ناهد الصباحي) التي تزوره بمودة وعناية مشهودة. كل شيء روتيني والبواب اعتاد عليه وقد بلغ من العمر سناً متقدماً لا يأمل فيه أي تغيير طارئ، لكن هذا يتبدل عندما يحل صاحب سوابق، اسمه ناصر (أحمد خالد ناصر)، وجد في الفيلا ضالته. ما زال يتاجر بالممنوعات ويحتاج إلى إخفائها في الفيلا المهجورة كونها مثالية لهذا الغرض.
يحاول البواب ردعه لكن ناصر شخصية مهيمنة وشريرة. تتدخل يارا بعدما نجح ناصر بإدخال ممنوعاته داخل إحدى الغرف المهجورة. إنه صراع نموذجي بين الضعف والقوة، وحين يتحول الضعف إلى قوة بسبب التمسك بالمبدأ فإن الناتج هو ما سيحدث لاحقاً من مجابهة يحيطها المخرج بظلالات سوداء مستعيناً بمشاهد ليلية جيدة التصوير والإيحاء. لكن المجابهة ليست محدودة بالقوة البدنية أو النفسية بل هي متوفرة بين الماضي والحاضر وبين ما كانت عليه الحياة في القاهرة وما أصبحت عليه الآن.
على ذلك، ما منع الفيلم من التبلور على نحو صحيح عراقيل غير مقصودة يلقيها السيناريو في طريق الفيلم تتحول إلى عثرات عادة في أفلامه السابقة، يعمد إلى التوسع في الشرح مانحاً كل شخصية لديه وجهان متقابلان. هذا صحيح كمبدأ لكن عدم الاكتفاء بقدر من هذا الاهتمام بجانبي الشخصية يضع كاهلاً على العمل ككل وقد يودي به.
على حسناته، يستغل المخرج وجود ناصر ليعمد إلى شرح أسبابه عبر تقديم خلفية تجعله يبدو شخصية رمادية يختلط الأبيض والأسود فيها على نحو يضيع الفرصة المتاحة للحفاظ على قوة تلك المجابهة وما تحمله من رموز.