6 نوفمبر 2023

محمد رُضا يكتب: أبو العبد ضد سوبرمان

ناقد ومؤرخ سينمائي

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

محمد رُضا يكتب: أبو العبد ضد سوبرمان

على الرغم من نكسة تجارية أصابتها في الأشهر الماضية نتج عنها عدم تحقيقها كل ما ترغب به من نجاح، إلا أن أفلام البطل الخارق ستعود قريباً وحتى من قبل نهاية هذا العام. الرهان على أن الجمهور لا يستطيع العيش من دون «كابتن أميركا» و«ذ أفنجرز» و«سوبرمان» و«باتمان» وباقي الشلة التي تشيل الزير من البير.

السؤال هو إلى أي حد يمكن لهواة هذه الأفلام قبول الكذب الساطع في تلك الأفلام تحت راية الفانتازيا والخيال والترفيه؟ هل عقولنا هي قطعة حلوى سهلة الطبخ أو أن الرغبة في الترفيه بلغت بنا إلى حد أن الهروب الوحيد من فوضى الأيام لا يتحقق إلا بمثل هذه الأعمال الفارغة من أي قيمة تذكر؟

لا أتكلم عن المشاهدين العرب وحدهم بل عن كل رواد السينما الذين يفركون أيديهم تشويقاً كلما تراءى لهم بطل طائر وآخر يطلق النار من يديه والثالث الذي يستطيع أن يجمد حركة أعدائه بتبريدهم الفوري بمجرد النظر إليهم.

أتساءل ما الفرق إذاً بين هذه القصص وبين تلك التي توارثتها الأجيال حول بعض الشخصيات التي كانت دوماً ما تتحدث عن انتصاراتها في معارك وهمية، مثل دون كيشوت في إسبانيا وأبو العبد في لبنان.

للمناسبة، هنا واحدة من تلك الأكاذيب البيضاء التي سمعتها قبل أشهر وتحضرني للمناسبة: عاد أبو العبد من رحلة صيد في إفريقيا وجلس في المقهى وحوله عدد من أصحابه، سأله أحدهم كيف كانت رحلته وهل كانت موفقة.

أخذ أبو العبد نفساً طويلاً من الأرجيلة وأوصى بفنجان قهوة آخر وهز رأسه متذكراً: «كانت مغامرة خطيرة كدت أفقد بها حياتي». سألوه: «كيف؟» فأجاب مدعياً التمنع قليلاً «انفصلت عن رفاقي في هذه الرحلة ووجدت نفسي وحدي أمام أربعة أسود. أطلقت النار على أحدهم فقتلته. لكنها كانت الرصاصة الوحيدة التي في البندقية، ولم يكن لدي الوقت لكي أضع رصاصات أخرى. هجم علي الأسد الثاني فانحنيت بسرعة فصدم رأسه بالشجرة ورائي ومات. هجم علي الثالث فأمسكت بفكيه وفسخته. هجم الأسد الرابع (نعم بالدور مثل أفلام الساموراي) فقبضت على ذيله ولوحت به ثم رميته من فوق الجبل».

مثل هذه القصص الفردية مكشوفة والجميع يضحك لها أو يتندر بها لو سمعها، لكن المشكلة هي أن أفلام السوبر هيرو تقترح الجد وتدور غالباً حول إنقاذ العالم من الأشرار الذين يريدون دمار العالم. ليس عن الأشرار الفعليين، بل عن قوى من كواكب بعيدة في هذه المجرة أو في سواها.

لو فكرنا قليلاً لوجدنا أن ما فينا يكفينا، وأشرار العالم فيهم الخير والبركة ويدمرون العالم بإتقان وقدرات فذة. لم لا يتوجه إليهم سوبرمان ما ويبيدهم ولو تمثيلاً؟

 

مقالات ذات صلة