في عالم كالذي نعيش، يترتب على الإنسان، ثم المجتمعات، العودة إلى الثقافة والفن ومعالم الحياة الراقية، إذا ما كان القصد الانتقال من وضع إلى آخر أفضل منه.
الحروب لن تتوقف، لأن هناك من يملك القدرة على إشعالها لمآربه. لم تتوقف منذ أيام ما قبل تسجيل التاريخ بقرون. ودائماً ما كان هناك فريق ضد آخر. غزوات احتلال. حروب انتقامية، وأخرى لخطط جهنمية.
لكن في وسط كل ذلك، وإذا راقبنا التاريخ بعيني فاحص، استمر الإنسان في الحياة، ولم يتحول إلى ديناصور يعيش زمناً، ثم يموت في زمن آخر.
العيش لم يكن نوعاً من الرغبة في البقاء حياً فقط، بل في التعبير عن الحياة والأمل في الحب والسلام في البيت الواحد، ثم في الوطن الواحد، وبعد ذلك حول العالم. غاية نبيلة تتحقق حيناً وتفشل أحياناً، لكن بواعثها ضرورية، وقد مكّنت المجتمعات، بعد كل دهر من الحروب، من العودة إلى صياغة مستقبل أكثر أمناً.
الحياة الثقافية والفنية في الستينات كانت تجسيداً لكل ذلك. كان لها الكيان الخاص بها، والمخلص لها، في المسرح والموسيقا والسينما، وفي فن وثقافة الكتاب والمحافل المختلفة.
بعض ذلك لا يزال موجوداً، لكن بعض الدول الأوروبية أخذت تعصف به، فإذا بها تمنع مؤلفات روسية بسبب الحرب في أوكرانيا، وتلغي جائزة في معرض كتاب بسبب الحرب في فلسطين، أو تمنع أفلاماً وندوات، وتصدر قرارات أحادية لم تبادر إليها المجتمعات قبل أقل من عشرين سنة.
لابد من العودة إلى العقل، والبحث عن الحلول العادلة للجميع، والحث على حرية التعبير في الثقافة والفن، لكونها المعين الوحيد للخلاص من أحوال تهدد العالم بما لا يحتمله من كوارث.