14 نوفمبر 2023

محمد رُضا يكتب: هوية وطنية

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

محمد رُضا يكتب: هوية وطنية

مشاهدة الأفلام المصرية الحديثة تكشف عن مدى الرغبة الجانحة صوب استنساخ الموديل الهوليوودي في العمل، بدءاً من المقاطع الترويجية، وانتهاء بالفيلم ذاته.

مَثل السينما المصرية في ذلك السينما الهندية، تفتح على فيلم فإذا بك كأنك تشاهد فيلماً أمريكياً من تلك الرائجة، إنما مع أبطال من الهند، وقصّة من السند.

تشمل تلك التفاصيل، في السينماتين العريقتين، لقطات الوجه الذي يحمل ملامح الإعلان الذاتي. رجل ينزل من السيارة، ويتوقف قليلاً لكي تستقبله الكاميرا بتميّز. أو سباق كتلة من السيارات تحت صخب الموسيقا العالية، أو على ضربات الطبول في مشاهد التشويق. فضلاً عن الاستخدام الساذج «للسلوموشن»، أو قطع المشهد على طاولة التوليف، على نحو يقفز المشهد فيه كقفز الكنغارو.

لكن التقليد المذكور لا يرفع من قيمة الفيلم، هندياً كان أو مصرياً، أو من أي دولة كان. كل ما يفعله هو التقليل من شأن الفيلم المقلِّد حيال الأصل (الذي هو في أحيان كثيرة عمل رديء بدوره).

إلى ما سبق، هناك المسألة الوطنية. إلى متى يمكن الاستمرار في الهبوط بالمستوى الثقافي في سبيل الربح المادي تلبية لجشع الجميع من العاملين في الوسط السينمائي؟ أليس من واجبات المواطن أن يعمد إلى مؤازرة الوطن، وأن يكون مسؤولاً عن أعماله؟ أين هو الانتماء للوطن من خلال أفلام مصنوعة لإيذاء وتخدير الناس بحكايات سخيفة، وآلام رديئة؟

رمي القاذورات على الطريق العام أمر منافٍ للأخلاق الوطنية، لكونه نشراً للأوساخ، وتشويهاً لصورة البلد (أي بلد)، يعاقب عليه القانون (في بعض الدول على الأقل). لكن ماذا عن نشر الأفلام الخالية من القيم؟ لم لا تكون مضرّة بسمعة الوطن، ويعاقب عليها القانون؟