يستخدم المخرج الإسباني فرناندو تروبا في «قتلوا لاعب البيانو»، إنتاج إسبانيا 2023، فن الأنيميشن ليتحدث عن فترة سياسية داكنة في حياة دولة لاتينية.. فهل نجح في ذلك فنياً؟
المخرج فرناندو تروبا
خلال مهنة بدأت سنة 1980 وما زالت مستمرة بنجاح، عالج الإسباني تروبا أنواعاً كثيرة، منتقلاً بين الدراما الرومانسية والفيلم التشويقي وحتى الموسيقي، يضاف إليها فيلمان من نوع الرسوم (أنيميشن) أولهما «تشيكو وريتا» (2010) وثانيهما هو الفيلم الحالي «قتلوا عازف البيانو».
الفيلم السابق، «شيكو وريتا» دار حول أحلام عازف بيانو بالوصول إلى سدة فنية كبيرة. في الفيلم الحالي الشخصية التي في العنوان حقيقية. في العام 1976، خلال الحقبة الدكتاتورية في البرازيل، اختفى عن الوجود لاعب بيانو شاب اسمه فرانشسكو تينوريو جونيور. لم يعرف عنه انتماؤه إلى أي فريق مناهض للحكم أو حتى معه. عازف اهتم فقط بفنه وعمله. ذات ليلة خرج لمحل مجاور للنادي الذي يعمل فيه لشراء بعض حاجياته، وكان ذلك آخر مرة شوهد فيها حياً.
لخمس عشرة سنة، واظب تروبا على جمع المعلومات والوثائق حول تينوريو وظروف اختفائه. لا عجب أن بطله هنا هو صحفي يحاول البحث عن مصير ذلك العازف وأسباب اختفائه. الخط الرئيسي في هذا البحث يقوده صحفي نيويوركي (صوت جف غولدبلوم) الذي كان في صدد وضع كتاب عن موسيقى الجاز البرازيلية عندما توقف على اسم تينوريو ممعناً. كان العازف البرازيلي شاباً طموحاً وسجل أسطوانة كبيرة (LP) عازماً على تكرار التجربة، لكن ذلك الألبوم قدر له أن يكون الأول والأخير.
التماثل بين بحث تروبا وبحث بطله كبير إلى حد أن الصحفي هو شخصية المخرج الذي قابل عشرات الأشخاص خلال بحثه عن الحقيقة الغامضة تحدثوا إليه عن العازف وبعضهم أضاف ما أضاف إلى الغموض طبقة جديدة من الغموض. هذا ما نراه يقع في الفيلم عبر شخصية الصحفي وفي فيلم يستخدم فن الرسم باليد لمزيد من التمايز عن أفلام سائدة اليوم تستخدم برامج الكومبيوتر للتنفيذ.
للفيلم بصرياته الداكنة المتلائمة مع الموضوع المثار وكلاهما يساهمان في تحريك قصة لا تهدف للتشويق بل لهضم الحقائق. يخلق ذلك التوجه عملاً بمشكلة واحدة: انفصاله عن السبب الذي من أجله اختار المخرجان تقديم هذه الحكاية عبر الرسم وليس التصوير الحي.
كما أن الصوت المصاحب لهذا البحث، الذي يوفره تعليق الصحفي، لا ينضوي على حرارة الاهتمام الفعلية بل فيه رتابة كان الفيلم بغنى عنها.