26 نوفمبر 2023

تاجر مخدرات يستغل حسابات بنكية لجمع المال من "مدمنين"

فريق كل الأسرة

تاجر مخدرات يستغل حسابات بنكية لجمع المال من

لا يألو تجار ومروّجي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية حول العالم جهداً ليبتكروا طرقاً جديدة لبيع سمومهم إلى من تورطوا في الإدمان/ من أجل الحصول على مبالغ مالية من جيوبهم/ وجمع الثروات، وأحد هؤلاء التجار تمكّن من استغلال خدمات الحسابات البنكية لجمع المال من المدمنين لمصلحته بدهاء وخبث كبيرين، ورغم ذلك فقد كُشفت طريقته، وكُشفت الحسابات البنكية التي يستخدمها، وطريقة تمكنه من فتحها من دون أن تُسجل باسمه الشخصي نظراً لتواجده في موطنه الأم.

قصة تاجر المخدرات وطريقة كشفها، اطّلعت «كل الأسرة» على وقائعها من حكم المحكمة الابتدائية في دبي، التي تؤكد أهمية توخي الحيطة والحذر من فتح حسابات بنكية لاستغلالها واستخدامها من قبل الغير.

ترويج المخدرات عن طريق «واتساب»

بدأت تفاصيل قصة تاجر المخدرات تتكشف إثر تلقي الجهات الشرطية المختصة في مكافحة جرائم المخدرات، شكوى تفيد بوجود عدد من الأشخاص من الجنسيات الآسيوية، يروّجون المواد المخدرة مستغلين خدمة تطبيق التواصل الاجتماعي «واتساب».

وبيّنت القضية أن هؤلاء الأشخاص يستخدمون أرقاماً دولية في عرض سمومهم على الناس من خلال خدمة المحادثات التي يوفرها تطبيق «واتساب»، حيث يرسل هؤلاء رسائل إلى الناس، وعندما يجدون استجابة من متعاطين يتم عرض السموم المخدرة عليهم، ومن ثم إرسال رقم حساب بنكي لهم ليدفعوا قيمة السموم التي يرغبون في شرائها.

وأكدت القضية أنه «بعد تحقق أفراد عصابة المخدرات من عملية الإيداع المالي في الحساب يقومون بإرسال المخدر إلى المتعاطي وإبلاغه مكان استلامها».

كيف يستدرج تاجر المخدرات ضحاياه؟

تابعت الجهات الشرطية المختصة أحد هذه البلاغات، والتي قادت إلى كشف تاجر مخدرات متواجد خارج الدولة يدير أعماله بالطريقة نفسها، مستغلاً خدمات «واتساب»، ويرسل لمن يستجيب لرسائله أرقام 3 حسابات بنكية.

وبعد التحقق من الحساب الأول تبيّن أنه يعود إلى رجل يعمل بمهنة سائق حافلة لدى إحدى الشركات العاملة في مجال نقل الركاب بالحافلات المؤجرة براتب شهري قدره 2500 درهم فقط، فألقت الشرطة القبض عليه.

حساب بنكي لـ«تجارة السيارات»

عند سؤاله عن الحساب البنكي وسبب فتحه، قال السائق في التحقيقات: «في أحد الأيام تحدث معي شخص (تاجر المخدرات)، عبر تطبيق برنامج التواصل الاجتماعي من موطني، وعرض علي الحصول على مبالغ مالية مقابل فتح حساب مصرفي باسمي الشخصي، وتمكينه من استخدامه في تلقي أموال ناجمة عن تجارة السيارات وشحنها إلى بلادنا».

وأضاف السائق «وافقت على طلبه، وبناء عليه قمت بتزويده بصورة من بطاقة هويتي، وصورة من جواز سفري، ثم عملت على فتح الحساب البنكي باسمي، وبعد فتح الحساب وصلني إيداع بما يعادل مبلغ 1500 درهم من هذا الشخص، نظير تمكينه من استخدام حسابي المصرفي في أعماله التجارية».

وتابع «بعد فتح الحساب المصرفي، كانت تردني رسائل نصية إلى هاتفي النقال تفيد بإيداع مبالغ نقدية متفاوتة، لا أعرف الأشخاص الذين كانوا يقومون بإيداعها، ولا تربطني بهم أي علاقة».

ويؤكد السائق أنه لم يسأل هذا الشخص (التاجر) الذي طلب منه فتح الحساب عن مصدر المبالغ المالية، ومن يقوم بتحويلها إليه، فيما أظهرت أوراق القضية أن الحساب المالي شهد تحويلات بقيمة 25 ألفاً و530 درهماً نتيجة شراء المواد المخدرة من تاجر المخدرات.

الحسابان الثاني والثالث.. تحويلات بالآلاف

لم يكن هذا الحساب الوحيد، فتاجر المخدرات كان يستخدم آخرين بالطريقة نفسها التي فتح بها الحساب الأول مع السائق، حيث تبيّن أنه فتح حساباً باسم رجل ثان، فتم إلقاء القبض عليه أيضاً، فيما بيّنت التحقيقات أن حساب الرجل الثاني شهد تحويلات مالية بقيمة 48 ألفاً و900 درهم من قبل متعاطين.

كما بينّت القضية أن هناك حساباً آخر استخدم تاجر المخدرات فيه رجلاً ثالثاً من موطنه، لتمكين المتعاطين من تحويل وإرسال المبالغ المالية إليه، وكان هذا الحساب يحتوي على مبلغ 51 ألفاً و200 درهم.

لائحة الاتهام

ورّط الرجال الثلاثة أنفسهم في قضية جنائية يعاقب القانون عليها، سواء كان ذلك بجهلهم، أو بعلمهم بمصدر الأموال التي تدخل إلى حساباتهم، ولذلك رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحقهم إلى الهيئة القضائية في المحكمة الإبتدائية، بتهمة «حيازة أموال في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها».

وطالبت النيابة العامة بمعاقبة الرجال الثلاثة بالحبس والغرامة عن هذه التهمة، عملاً بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، إلى جانب المطالبة بتطبيق المادة 126، البند أولاً من قانون ذاته، والتي تنص على أنه «إذا حكم على أجنبي في جناية بعقوبة مقيّدة للحرية وجب الحكم بإبعاده عن الدولة».

حبس وإغلاق الحسابات

دانت المحكمة الابتدائية الرجال الثلاثة بحيازة الأموال الموجودة في الحسابات المسجلة بأسمائهم في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها، لكونها متحصلة من جريمة اتجار بالمخدرات، خاصة وأنهم لم يقدموا أي مستندات تفيد بمشروعية مصدر تلك الأموال، أو ملكيتهم الحقيقية والشخصية لها.

وأوقعت المحكمة الابتدائية على الرجال عقوبة الحبس لمدة شهر واحد، عن التهمة المنسوبة إليهم، وقضت بتغريم كل واحد منهم قيمة المبلغ المالي الذي وجد في حسابه الشخصي، مع الأمر بإبعادهم جميعاً عن الدولة بعد قضاء مدة العقوبة في السجن، ودفع الغرامة، وإغلاق الحسابات المسجلة بأسمائهم.