أين تكمن نقطة الفصل بين أن تكون معجباً، أو عاشقاً، أو مهتمـّاً بالسينما، وبين أن تصبح ناقداً؟
يقترح السؤال أن هناك فصلاً بين الإعجاب، والعشق، والاهتمام، وبين النقد السينمائي. وهذا صحيح. لكن، صحيح أيضاً أن الإعجاب والعشق والاهتمام، جزء من فعل النقد السينمائي. لا يمكن أن يتم من دونه.
لنأخذ، أولاً، الفاصل بين أن تكون معجباً ،أو عاشقاً، أو مهتماً، وبين أن تصبح ناقداً.
المسألة هي أنك قد تعجب بالسينما، فتعشقها، وتهتم بها لدرجة غير عادية. وقد تبقى على هذه الحال زمناً طويلاً، إلى أن يصيب اهتمامك الترهّـل، فتصبح أقل اهتماماً، وتبدأ بالاستناد إلى الذاكرة على طريقة «أفلام الأمس كانت أفضل...»، و«سينما الزمن الجميل» (لا يوجد زمن جميل وزمن بشع أساساً)، وبذلك ينتهي هذا الاهتمام، أو يتوقف عند حد لا تطوّر من بعده.
هذا طبيعي ومعظم هواة السينما، أو أي فن من الفنون، يعيشون هذا الوضع، وغالباً لفترات طويلة. لكن هذا لا يؤدي بك إلى النقد. إلى تلك الحرفة الثقافية والفنية الراقية التي إذا ما واتتك تعيش فيها، ولها، طوال حياتك.
في البداية تسايرك الرغبة في أن تُعاين ما تراه. ففي الوقت الذي لا تزال فيه تشاهد الأفلام لكي تدرك، ولكي تتعلم، ولكي تمتحن حبّـك، تتكوّن لديك النزعة لطرح الأسئلة التي لا يطرحها إلا واحد بين كل مئة ممن يشاهدون معك، في الوقت ذاته، سواء في صالة سينما، أو على موقع الكومبيوتر.
ومع أن الجمهور العام يطرح أسئلته حول ما رآه من باب الفضول، أو عدم التصديق، أو من باب الإعجاب، إلا أنك تجد نفسك، إذا ما كنت ناقداً، أو تشعر بأنك تكون ناصية النقد، أمام أسئلة مختلفة في الأساس. إنها في معاينة كل لقطة من الفيلم، وبحثه، بالارتباط بين تلك اللقطة واللقطة التي بعدها. المشهد بارتباطه بما سبق، ثم بين الفصل والفصل اللاحق، وصولاً إلى وضع الفيلم بأسره، من بدايته حتى نهايته.