حقق المخرج الإسباني، خوان أنطونيو بايونا، حتى الآن، أفلاماً لافتة في مسيرته من بينها The Impossible وThe Orphanage. ويعود الآن بفيلم جديد قائم على أحداث واقعية.
في الثالث عشر من شهر أكتوبر 1972، انطلقت طائرة مدنية من مدينة مونتفيديو، في أوروغواي، قاصدة مدينة سانتياغو، في الأرجنتين، وعلى متنها 45 راكباً، بينهم 19 من أعضاء فريق رغبي، بعضهم مع عائلاتهم. ما حدث بعد نحو ساعة من الإقلاع، أن الطيار بدأ بالهبوط قبل الأوان، معتقداً أنه أصبح على بعد يسير من المطار. وفي الواقع كان لا يزال فوق جبال الأنديز، والمسافة لم تكن قريبة، ما أدى إلى اصطدام الطائرة بجبل جليدي، وخسارتها جناحيها، قبل أن تتهادى فوق منطقة منقطعة، ومعزولة.
جرّاء ذلك، نجا 29 فرداً من الموت، ليواجهوا البرد والمجاعة. ومن بين الناجين مات لاحقاً ثلاثة عشر فرداً، وبقي 16 فرداً، دامت معاناتهم حتى الثالث والعشرين من ديسمبر من العام ذاته. خلالها عاش الأحياء على لحم الموتى في ذلك المكان الجليدي المقفر، وغير المتناهي. هذا ما يعرضه الفيلم من دون أن ينتهز الفرصة لكي يحوّل الفيلم الجاد عن هدفه، مبتعداً عن العنف والإثارة.
في تصريح للمخرج خ.أ. بايونا، ذكر أنه حرص على اقتباس كتاب برنات ڤيلانلانا بأمانة، لكي يبقي الفيلم في حيّز التجربة الفعلية للأحداث، وبعيداً عن الخيال. تضمنت محاولته هذه الابتعاد عن الإثارة الناتجة عن تحويل الأحداث إلى صراع عنيف مفتوح، ومعايشته الواقع بتفاصيل قابلة للتصديق، وإثارة السؤال: إلى أيّ حدّ يستطيع الإنسان مقاومة نزعة البقاء على قيد الحياة، إذا ما كان السبيل الوحيد المتاح هو أكل من جثث الذين قضوا؟
لولا هذه النقاط الحسّاسة لبدا الفيلم قريب الشبه بأي فيلم آخر عن كوارث طائرات سقطت في أراض مجهولة، ومنقطعة، وحال من بقي على قيد الحياة. لأن الأرضية التي تؤسس لهذا الفيلم موضوعه لا تختلف في خطوطها العريضة عن تلك الواردة في أفلام من النوع ذاته، بما فيها أفلام تم اقتباسها عن الحادثة سابقاً مثل Survive الذي أخرجه رنيه كاردونا فيلماً مكسيكياً سنة 1976.
في الوقت ذاته، لابد من الإشارة إلى أن فيلم بايونا الكوارثي السابق، The Impossible بطولة ناوومي ووتس وإيوان مكغروغر (2012) قام كذلك على كارثة حقيقية، إنما بفاعلية أفضل، إذ دار حول التسونامي الذي ضرب تايلند سنة 2004. هناك جمع بنجاح بديع ما بين أزمة عائلة كانت تمضي عطلة سياحية، وبين تلك المشاهد الكبيرة للتسونامي، ودماره.