مشهد من فيلم «Too Much Johnson»
ردّدت، ككثيرين غيري، ولسنوات، أن الفيلم الأول لأورسن وَلز هو «المواطن كَين». هذا ورد في مراجع عدة، استقيت منها هذه المعلومة منذ عقود عدة. إلى أن اكتشفت أن لديه فيلماً سابقاً لذلك الفيلم عنوانه Too Much Johnson حققه سنة 1938، أي سنتان فقط قبل «المواطن كَين».
لم يكن «كثير جداً من جونسن» فيلماً قصيراً، أو فيلماً تجريبياً، أو غير مُنجز، بل تم تصويره بالكامل وهو رواية كوميدية، مأخوذ عن مسرحية نيويوركية.
هذا الخطأ واحد من تلك التي يقع فيها مؤرخون يقومون بتداول وتكرار معلومات مغلوطة حول أشياء تحتاج إلى تدقيق، وهذا ليس صعباً على أحد. على سبيل المثال القول إن الأخوين لوميير اكتشفا السينما، والقول، في مجالات أخرى، إنهما أول من عرض الأفلام السينمائية على الجمهور.
كلا، القولان خطأ: لا علاقة لهما باكتشاف السينما، لأن للسينما تاريخاً بعيداً سبقهما، وتألّف من مجموعة خطوات تقنية وصناعية على مدى القرن التاسع عشر (من دون أن أذكر إسهام ابن الهيثم في القرن الحادي عشر في تطويع مصدر الضوء وانعكاسه، كما ورد في كتابه «علم البصريات» ثم سواه من الصينيين والأوروبيين الذين تقدّموا في هذا المنحى منذ ذلك الحين).
كذلك ليس صحيحاً أنهما أول من قاما بعرض جماهيري بتذاكر مباعة في التاريخ، إذ سبقتهما، في نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1895 (أي قبل نحو خمسة أسابيع من عروض لوميير) عروض قدمت في برلين عبر الأخوين سكلادانوڤسكي.
هذه الحقائق لم تنجح في استبدال المنتشر بين بعض المتخصصين، والقسم الأغلب من الجمهور، وهناك الكثير سواها، مثل تحديد أول فيلم ناطق (لم يكن «مغنّي الجاز»)، وأن تشارلي تشابلن هرب من محاكمات المكارثية (الحقيقة أنه ترك أمريكا في زيارة لبريطانيا لعرض فيلمه Limelight قبل صدور قرار بالتحقيق معه).
والأمور على حالها لليوم. القول مثلاً إن المخرج يسري نصرالله من مدرسة يوسف شاهين، يحتاج إلى تمحيص. الأصح القول إن يسري نصرالله عمل مساعداً لشاهين، ثم انفصل بأسلوبه الخاص.