07 يناير 2024

"زواج عُرفي" يورط شاب وفتاة في قضية وطفلة غير شرعية

فريق كل الأسرة

لا تعتدّ قوانين دولة الإمارات بالزواج إلا إذا كان موثقاً لدى محكمة الأحوال الشخصية، ومُعتمداً من قبل مأذون شرعي، وفي حال كان الزواج «شفهياً»، أو زواج ما يُعرف باسم «عُرفي»، فإنه يعتبر غير قانوني، وغير شرعي، ويُدخل الزوجين في نفق مُظلم.

في قضيتنا التالية، تزوج شاب بفتاة عُرفياً، من دون أن يُوثقا أي عقد زواج لدى أيّ من الجهات القضائية المُختصة، عملاً بالأصول المُتبعة، واستمرّا في زواجهما على هذا الحال، إلى أن جاءت ساعة كشف هذا الزواج، وأصبح الإثنان في مواجهة مشاكل قانونية عقوبتها تصل إلى وضعهما في الحبس لمدة لا تقل عن عامين.

تفاصيل القصة التي أطلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي، تؤكد أهمية «توثيق عقد الزواج بين الطرفين»، وعدم قبول أي فتاة بأن يتم عقد قرانها شفهياً، أو عُرفياً، إلا بموجب القانون بعد التوجه إلى محكمة الأحوال الشخصية، من أجل ضمان حقها أولاً، ثم حق أطفالها، في حال إنجابها.

الحمل واقتراب ساعة الإنجاب

وفقاً لتفاصيل القضية، فقد استمر الزواج العُرفي بين الشاب والفتاة من دون أي وثائق قانونية، لمدة تقارب العام، إلى أن باتت الفتاة حاملاً بطفلة، واقتربت ساعة إنجابها.

لم يكن يدرك الشاب والفتاة، حتى هذه اللحظة، حجم المُشكلة القانونية التي ستواجههما، إلى أن توجهت الفتاة إلى المستشفى لوضع مولودتها، وعند سؤال إدارة المستشفى عن عقد زواجها بهدف قيد الطفلة ضمن سجل المواليد الجُدد، كان ردها صادماً للإدارة، بأنها لا تحمل عقد زواج، وأن زواجها كان شفهياً، ولا تملك أية أوراق قانونية تثبت حقيقة علاقتها بـ«أب الطفلة».

وضع الطفلة قانونياً

على الفور، أبلغت إدارة المستشفى الجهات الشرطية المُختصة، بالمشكلة التي تواجههم، فالفتاة من وجهة نظر القانون وضعت طفلة «سفاحاً»، فيما استمعت الجهات الشرطية إلى إفادة الفتاة التي قالت «إنها تزوجت بالشاب عُرفياً، من دون عقد زواج، ومكّنته من معاشرتها المعاشرة الزوجية، عدداً من المرّات، ما أثمر عن حملها منه».

وأضافت الفتاة «عند شعورها بألم الولادة، توجهت إلى المستشفى حيث وضعت الطفلة، وأن الشاب هو والدها الحقيقي، وأنهما لا يملكان إثباتاً لهذا الزواج».

بات الآن من الضروري أمام الجهات المُختصة الاستماع إلى إفادة الشاب، وفيما إذا كان يُقرّ هو أيضاً بهذا الزواج، وبأبوّته للطفلة، فاستدعته الشرطة واستمعت لإفادته، حيث أقرّ في التحقيقات «بأنه فعلاً تزوج بالفتاة عُرفياً، من دون تحرير عقد زواج، وأنه عاشرها معاشرة الأزواج في مقر سكنه، وأثمر ذلك حملها منه، وأنه فعلاً والد الطفلة الصغيرة الحقيقي، لكنه لا يملك إثبات عقد الزواج، وبالتالي يصعب قيد الطفلة باسمه حالياً».

عقوبة الحبس للإثنين.. ومخرج قانوني ينقذهما

في هذه الحالة وأمام القانون، فإن الشاب والفتاة غير متزوجين وطفلتهما غير شرعية، لذلك كان لابد من تحرير قضية بحقهما، فرفعت النيابة العامة في دبي لائحة اتهام بحقهما إلى الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية بتهمة «مواقعة الشاب للفتاة بوجه غير قانوني ما أنجب طفلة سفاحاً».

وفي بندها الأول، تنصّ المادة 410 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، على أنه «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، من واقع أنثى أتمّت الثامنة عشرة من العمر، ووضعت منه مولوداً سفاحاً، وتعاقب الأنثى بذات العقوبة».

ورغم ذلك، وضعت المادة 410 في بندها الثاني مخرجاً قانونياً للشاب والفتاة، يحول دون حبسهما، حيث نصت في هذا البند على أنه «في جميع الأحوال، لا تقام الدعوى الجزائية عليهما في حال تزوج الرجل من المرأة، أو أقرّ أحدهما، أو كلاهما، ببنوّة الطفل المولود، واستُخرجت له الأوراق الثبوتية، ووثائق سفر وفق قوانين الدولة التي ينتمي إليها أيهما بجنسيته، بمراعاة التشريعات السارية في الدولة، ويترتب على هذا الزواج، أو الإقرار، واستخراج الأوراق الثبوتية ووثائق السفر للطفل، انقضاء الدعوى الجزائية أو وقف تنفيذ العقوبة بحسب الأحوال».

حكم المحكمة

حضر الشاب والفتاة أمام الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية، وأقرّا بالتهمة المنسوبة إليهما، بالمواقعة غير الشرعية التي أنجبت الطفلة «سفاحاً»، لكنهما طلبا من الهيئة تأجيل النظر في القضية من أجل إتمام عقد زواجهما، قانونياً، والاستفادة من البند الثاني في المادة 410 من القانون.

وفي الجلسة الثانية، حضر الشاب والفتاة إلى الهيئة القضائية وبرفقتهما عقد زواج موقّع من قبل مأذون مُعتمد في محكمة الأحوال الشخصية، مؤكدين أنهما باتا متزوجين قانونياً.

نظرت الهيئة القضائية في تفاصيل القضية، ورأت في منطوق حكمها أنها تطمئن إلى أدلة حدوث مواقعة غير قانونية بين الشاب والفتاة «المتهم والمتهمة» التي تجاوزت الـ 18 من عمرها، ما أدى إلى إنجاب طفلة سفاحاً.

وأشارت الهيئة القضائية إلى أنه ونظراً لتقديم المتهمين عقد زواج قانونياً وشرعياً، مُصدقاً من قبل محكمة الأحوال الشخصية، فإنها ستأخذ بالبند الثاني من المادة 410 من المرسوم بقانون الجرائم والعقوبات، لذلك فإنها تقضي بانقضاء الدعوى الجزائية بحقهما، وبالتالي عدم حبسهما على خلفية هذه القضية.