11 يناير 2024

محمد رُضا يكتب: للترفيه فقط؟

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

محمد رُضا يكتب: للترفيه فقط؟

سؤالي اليوم هو: لماذا يتحلّـق معظم الناس حول البرامج التلفزيونية السطحية، والتي كثير منها سخيف أيضاً، وليس حول برامج ثقافية أو فنية هادفة؟

طبعاً، يتحلّـقون أيضاً حول نشرات الأخبار وبرامج الرياضة والبرامج الدينية، وكل ذلك طبيعي ومقبول، لأن المشاهدين، أينما كانوا حول العالم، يمارسون هذا النوع من المشاهدات. لكن البرامج المسمّـاة بالترفيهية لها وضع خاص، وهي التي تفوز بالإقبال الأوسع انتشاراً.

بذلك يتحوّل المتابعون لأرقام تبيعها محطات التلفزيون لوكلاء الإعلانات التي ستعلن، أو لا تعلن، تبعاً للأرقام الأعلى. نحن أرقام مسجّلة للاستغلال مقابل بيعنا برامج ترفيهية بالجملة، أردناها أو لم نرد.

هذا كله على حساب الثقافة والفن. لا عجب أن الاهتمام بها قليل في محطاتنا، لكونها لا تجذب ما يكفي من الجمهور. إزاء ذلك، هل نلوم التلفزيون، أم نلوم المشاهدين الغارقين في نِعم الترفيه، بكل أنواعه؟

معظم الفئة المثقفة من الجمهور حجبوا أنفسهم عن متابعة برامج السهرات الغنائية، لأنها، بصراحة، ليست لهم. لا تناسب قدراتهم الثقافية ومستوياتهم التعليمية، أو الأدبية. لهذا السبب هم ليسوا جمهور هذه البرامج الأغلب، وبالتالي، لا تحتاج هذه البرامج إليهم أيضاً.

لا بأس بالترفيه، لكن هل هو ترفيه صحّي أم لا؟ هل ذلك المقدّم يعرف أي شيء يتحدث عنه قبل أن يلقنـّه المنتج، وكاتب النص؟ وهؤلاء الضيوف الذين، في المحطات الشرق أوسطية أكثر من سواها، محترفو رسم ملامح البهجة والحبور على محياهم في ابتسامات بلاستيكية صرفة، هل يستطيعون- ولو للحظات- أن يقولوا فعلاً، ما في قلوبهم، أو يجدون أنه من الأسلم (والأضمن مادياً) السباحة غير الحرّة، بما يتطلّـبه الوضع من ضحكات مصطنعة، وكلام هاذر، والكثير من الأنا، وبيع العواطف بأرخص الأسعار؟

عن نفسي، لا أتابع أي شيء على التلفزيونات العربية كافّة، وبالنسبة إلى الأجنبية، محطاتي هي المتخصصة بعرض الأفلام الكلاسيكية فقط.