16 يناير 2024

موظف كشف هويتها والشرطة بانتظارها.. تاجرة مخدرات تنتحل صفة طبيبة

فريق كل الأسرة

موظف كشف هويتها والشرطة بانتظارها.. تاجرة مخدرات تنتحل صفة طبيبة

انتحلت صفة طبيبة للهروب من جرائمها الكثيرة، الصدفة وحدها هي التي قادتها إلى السجن، عندما شرعت في تغيير اسمها الحقيقي، وانتحال اسم وصفة جديدين، اختمرت الفكرة المجنونة في رأسها من أجل الهروب من تفاصيل الماضي الحزين. فقررت تغيير شكلها، ومسار حياتها كله، ارتدت أفضل الثياب، جعلت أناقتها تتحدث عنها، ذهبت إلى مركز البطاقات الشخصية لكي تستخرج بطاقة هوية جديدة، لكن ليس باسمها الحقيقي، وبكل ثقة ادّعت أنها طبيبة، وظنت أنها بهذه الطريقة ستنجح في الهرب من ماضيها الملوّث، لكن سقوطها كان مدويّاً، وانتهت رحلتها الإجرامية.

شبح خفي.. أسماء وأشكال مختلفة

نجحت بطلة القصة في الهروب من أعين رجال الشرطة، مراراً وتكراراً، كانت موهوبة في التخفي والهروب، تهوى السير على الأشواك، تتمتع بقلب من حديد لا يهاب الخطر، ولا تخشى تقلّبات الدنيا، عاشت حياتها طولاً وعرضاً، لا أحد يعلم ماذا تتمنى، أو ماذا تريد، اسمها الحقيقي يختلف تماماً عن الاسم الذي اختارته لنفسها، ويمكن القول إن الاسم المستعار هو الاسم الحركي لشغل النّصب. كان ضرورياً أن يكون لها أكثر من اسم، وأكثر من هوية، حتى تتمكن من التخفي والتلاعب بالجميع، وبسبب عدم ظهورها باسمها، أو شكلها الحقيقي، تمكنت من الإفلات من قبضة رجال المباحث عشرات المرات، من دون أن ينكشف أمرها. كانت مثل الشبح الخفي الذي لا وجودَ ولا أثر له.

البداية.. قصة حب فاشلة

نشأت بطلة القصة وسط أسرة ضعيفة الحال، كانت تحلم دائمًا بأن تخرج من قفص العادات والتقاليد التي كانت تعيش فيه بأوامر العائلة. تعرفت إلى أحد الأشخاص، نجح في الاستحواذ على قلبها، وكيانها، اتفقا معاً على الزواج عقب الانتهاء من سنوات الدراسة في المعهد المتوسط الذي كانت تدرس فيه، كل أحلامها كانت مع هذا الشخص، ولا شيء غيره، وربما كانت تعدّ الأيام والليالي حتى يجتمعا معاً.

كانت فتاة مثيرة للانتباه، لاحقتها العيون كثيراً وبدأت تسمع عبارات الغزل تنهال عليها من كل جانب، ونظرات الشباب ترمقها وتطاردها، لذا تهافت عليها العرسان، وبدأوا يطرقون بابها طالبين يدها للزواج، إلا أن الأسرة رفضت الكثير منهم، ووضعت بعضهم تحت البحث والتقصّي، خصوصاً الذي تتوافر فيه أسباب الثراء.

مفاجأة حزينة.. زواج بالإكراه

أما بالنسبة إليها فلم يكن كلام الأسرة يثير أيّ اهتمام لديها، فقط كانت تعد الأيام والليالي حتى يحررها حبيبها من قيود أبيها. وجاء اليوم الذي تنتظره بفارغ الصبر عندما انتهت من تعليمها، وحصلت على شهادة التخرج، وفي اليوم نفسه أخبرها والدها أن خطبتها تمت لنجل صديقه. صُدمت بشدّة، عندما أخبرها والدها أن الأمور محسومة منذ بضعة أسابيع، لكنه لم يخبرها حتى لا تنشغل بهذا الأمر قبل امتحانات نهاية العام، وأكد لها والدها أن زفافها سيكون بعد أشهر عدة. كان الخبر صادماً، وقعت مغشياً عليها من هول الصدمة، حاولت الاتصال بحبيبها، لكنها لم تجده بجانبها، فعلت المستحيل حتى توقف هذه الزيجة، لكن رغبة أبيها حسمت الأمر.

كانت في قمة الحزن، الدموع تسكن عينيها، تمنت الموت على أن يتم زفافها إلى هذا الشخص الذي لم تشعر تجاهه بأي مشاعر. كانت تشعر كأن ناراً تشتعل في جسدها، وبأنها ستُزف إلى الأخرة، وكان الحزن يعتصرها، وتغيّرت ملامح وقسمات وجهها إلى العبوس، والشقاء. جلست إلى جوار خطيبها، لاحظ الجميع أنها غير سعيدة، كانت تفكر في الزواج وترى فيه قفصاً حديدياً آخر تم استبدال زوجها فيه، بديلًا لوالدها المتسلّط. تمت الخطوبة لكنها لم تتمكن من التأقلم مع خطيبها، حتى وصلت العلاقة بينهما لطريق مسدود، فطلبت فسخ الخطبة لكنه رفض، وعندما أخبرت والدها برغبتها انتابته ثوره عارمة، وانهال عليها سبّاً ولعناً، ورفض هذا الأمر خصوصاً أن العريس جاهز، ولا تشوبه، من وجهة نظره، أي شائبة.

اعتبرت أن موضوع فسخ الخطبة هذا لن يغير من الأمر شيئاً، وفي لحظة قررت الاتصال بحبيبها حتى ينقذها من هذه الزيجة، وبالفعل قامت بالاتصال، وقصت عليه مأساتها، ولكن حدث منه ما لم تتوقعه! تهرّب منها حبيبها، وأخبرها أنه غير مستعد في الوقت الحالي لأي شيء. فكرت في الهروب من منزل أسرتها، بعد أن استولت على الكثير من الأموال والمشغولات الذهبية الخاصة بوالدتها، وكانت هذه أول عملية سرقة وهروب في حياتها، لتتوالي بعد ذلك الجرائم المختلفة، ثم تركت لأسرتها رسالة تفيد بأنها لن تعود مرة أخرى.

تعارف يفتح طريق الانحراف

انتهزت فرصة خروج أسرتها من المنزل لشراء بعض المستلزمات، فلملمت ملابسها، وحزمت حقائبها، وتوجهت إلى موقف سيارات الأجرة، واستقلت سيارة أجرة متجهة إلى وسط العاصمة، وهناك تعرفت إلى أحد شخص كانت تجلس بجواره طوال الطريق. لاحظ هذا الشخص أن دموعها لم تفارقها منذ استقلت السيارة، وحتى وطئت قدميها أرض العاصمة، قصت عليه حكايتها، وعلِم من خلال حديثها معه أنها من دون مأوى، ولا تعلم أين ستقضي ليلتها، عرض عليها أن تبيت ليلتها في منزله حتى الصباح، وبعدها تقرر ماذا تفعل!، لم يكن أمامها أي مجال للاختيار، وافقت على هذا العرض واعتبرته طوق النجاة بالنسبة إليها.. لم تكن تعلم أنها بداية النهاية، وأن هذا الشخص ما هو إلا مجرم خطر، سيحوّل حياتها إلى جحيم.

المقابل الحرام

طالت إقامة الفتاة لدى هذا الشخص، كان ينفق عليها ببذخ، حتى جاءت لحظة سداد الدين. كان المقابل أن تتزوجه عرفياً، وتساعده في تجارته المحرمة. وبمرور الوقت، أدمنت تعاطي المخدرات، وشاء حظها أن تنجح في الإفلات من رجال المباحث عندما تمت مداهمة المنزل الذي تعيش فيه مع صديقها، ومنذ هذه اللحظة بدأت بتطوير نشاطها، حيث اتجهت إلى تجارة المخدرات بمفردها، بعدما نجحت في تغيير محل إقامتها، ومكان نشاطها، وشكلها.

كانت موهوبة في التخفي، والتنقل من مكان لآخر، وحققت ثروة مالية لا باس بها من تجارتها غير المشروعة، حتى شعرت بأن نهايتها اقتربت بعدما بدأت العيون تلاحقها، وتراقبها، ما دفعها لتغيير محل إقامتها عشرات المرات، وفي أماكن متباعدة، حتى خطرت لها فكرة جهنمية. عندما كانت في زيارة أحد الأطباء، وأثناء مرورها، ناداها أحد المرضى بالست الدكتورة، كان يظنها من الفريق الطبي للمستشفى، لكن بالنسبة إليها كان هذا الصوت هو طوق النجاة، كما ظنت.

قررت كالمعتاد تغيير شكلها، ومظهرها الخارجي، وقامت بشراء شقة جديدة في إحدى المدن الجديدة على أطراف العاصمة، وحتى تكتمل كل خيوط جريمتها، لم يتبق لها سوى استخراج بطاقة هوية جديدة تحمل اسماً وصفة جديدين.

ارتدت أفضل الثياب، جعلت أناقتها تتحدث عنها، ذهبت إلى مركز البطاقات بوسط العاصمة لكي تستخرج بطاقة هوية جديدة، بكل ثقة ادعت أنها طبيبة بعدما رتبت كل أوراقها المزوّرة، ظنت أنها بهذه الطريقة تكون نجحت في الهرب من ماضيها.

على الجانب الآخر، اكتشف الموظف المسؤول عن استخراج البطاقات أن هذه الفتاة مُبلّغ باختفائها، كما سبق لها استخراج بطاقة هوية. كل الأمور كانت تؤكد أن هناك شيئاً غامضاً في هذه الأوراق، ما دفع رجال البحث الجنائي إلى عمل كمين للمتهمة أثناء استلامها بطاقة هويتها الجديدة، حيث تم القبض عليها، وعقب تضييق الخناق عليها ومواجهتها بما هو منسوب إليها، انهارت واعترفت بكامل جرائمها، لتكشف أن صديقها وزوجها العرفي عقب سقوطه في قبضة رجال المباحث أدلى بمواصفات تفصيلية عنها، ما وضعها تحت عيون رجال المباحث الجنائية التي لاحقتها وتتبعت خطواتها حتى لحظة سقوطها.

تم تحرير محضر بالواقعة، تضمنت سطوره كل تفاصيل الجرائم المختلفة للمتهمة، وتمت إحالة أوراقها إلى لنيابة العامة التي أمرت بحبسها 15 يوماً على ذمة التحقيق في الاتهامات المختلفة التي تم توجيهها إليها، لحين انتهاء التحريات حولها.