22 يناير 2024

إنعام كجه جي تكتب: العلاج بالكارما... بدعة؟

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: العلاج بالكارما... بدعة؟

كتاب الفرنسية ماريليز لابونتيه «الكارما: استكشافها، والتحرر منها والولادة من جديد»، والكارما، يا طويلي العمر، مفهوم موجود في العقيدتين البوذية والهندوسية. وهو بمثابة البوصلة التي توجّه الإنسان لاستخلاص أفضل ما هو متاح له في حياته. وفي اللغة السنسكريتية فإن الكارما تعني حرفياً الحَدَث.

منذ زمن بعيد انتقلت المفردة إلى المحادثات بين الأوروبيين، فتسمع فرنسياً يقول: «عندي كارما»، والمقصود أن قدره هو هكذا. وقد يعني الحدس الإيجابي، أو البركة. وأعرف صديقات مثقفات يقصدن الهند، في زيارات دورية، سعياً وراء التأملات الروحية، والحميات النباتية، ومحاولة ترويض الكارما. الجديد في الأمر أن هذا المفهوم بات يلقى انتشاراً واسعاً في الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث صار هناك من يؤمن به وسيلة علاجية، نفسيّة وجسديّة، من أعراض كثيرة. إن الكارما هي طريقة لاستكشاف الحياة الداخلية للفرد، ويمكن لها أن تخلّصه من فترة توقف طارئة، بحيث لا يمكنه التقدم في محيطه.

إنعام كجه جي تكتب: العلاج بالكارما... بدعة؟

لم يعد المتخصصون يعتبرون الكارما مجرد مفهوم غيبيّ قدريّ، بل مسألة تتعلق بالطاقات السلبية والإيجابية التي تتحكم في البشر. وقد قرأت شرحاً قدّمه فريدريك بيتوران، وهو وسيط روحيّ متخصص في تحفيز الكارما، جاء فيه أنها تتحكم في كل شيء يخصّنا، أي ما نفعله، وما نشعر به، وما نفكر فيه. كما أن لها القدرة على تغيير حياتنا من حال إلى حال. أي من وضع سلبي مستحكم ومستفحل، إلى آخر إيجابيّ.

كيف؟

في الوضع السلبي، تُذكي فينا الكارما مشاعر اليأس والحزن، وتدفعنا إلى إقامة علاقات مسمومة، مع كل ما يتبع ذلك من معاناة نفسيّة وجسديّة. أما في الوضع الإيجابي، فإنها تتيح لنا التعرف إلى الطاقات الداخلية لدى كل منّا، رجلاً كان أو امرأة. أي المهارات غير المستثمَرة، والمواهب الدفينة.

ما دور المعالج بالكارما؟

تشرح لنا ماريليز لابونتيه، مؤلفة كتاب: «الكارما: استكشافها، والتحرر منها والولادة من جديد»، أن المعالج يعمل على تفكيك العُقد الملتصقة بالروح. فهو يؤمن بتناسخ الأرواح. حيث سيعاد تدوير الأجساد المتعددة التي ساعدت على تطوّرنا. إن الجسد يدفن في التراب ويتحول إلى هباء وذرات من أجساد أخرى. وعندما تتجسد الروح مرّة أخرى، فإنها تتسلل إلى ما يشبه المعطف الذي يحوي ذكريات الكارما، أي الأفعال التي تسببت بمعاناة الناس، والدروس التي لم يتم تعلّمها، والمواقف السيئة المتكررة. لذلك، فإننا نحمل الكارما الخاصة بنا في مجالنا الروحي، وبمجرد أن نواجه عاطفة لها صدى مع حدث مميز في واحدة من حيواتنا الماضية، فإنه يعيد تنشيط الذكريات.

طبعاً هناك تحذيرات كثيرة من الاستسلام لفكرة الكارما. ففي ثقافات أخرى، خارج الهند، يجد الناس خلاصهم في الدين والتعبّد، مثلاً، أو في الطرق الصوفية والرياضات الروحية، أو اللجوء إلى طبيب نفسي لتهدئة الهواجس. وهناك في الغرب، اليوم، ردّة ضد التحليل النفسي باعتباره دجلاً من نوع عصريّ.

والسؤال: هل نصدّق المعالجين ونتركهم يبيعون لنا الوهم؟ الأمر متروك لتقديرك، و«أنت وكارماك».