تعمد رواية«دكتور جيفاكو» إلى التنقيب عن الأحداث التي سبقت ثم تلت نهاية عصر القياصرة فـي روسيا. لكن للفيلم ذاته حكاية خاصّة به.
«دكتور جيفاكو» كان نصاً شاهق الارتفاع كسيناريو تاريخي/ عاطفي/ أدبي، يمزج الواقع بالخيال. وضعه روبرت بولت (الذي كتب سيناريو «لورنس العرب» ولاحقاً «ابنة رايان»)، وتحدّث فيه عن علاقة عاطفية بين طبيب روسي اسمه يوري جيفاغو (الدور الذي أداه عمر الشريف بنجاح رغم اللكنة والملامح) الذي وُلد يتيماً ورعته عائلة. يتابعه الفيلم وقد بات رجلاً، وبدأ دراسة الطب، وأحبّ ابنة العائلة التي ربّته، تونيا (جيرالدين تشابلن)، وتزوّج منها.
هذا كله قبل الثورة الشيوعية سنة 1917، وخلال الحرب العالمية الأولى. الحكاية ملحمية تتعرّض لأحداث شاسعة تؤدي، فيما تؤدي إليه، إلى لقاء يوري، والممرضة لارا (نتابع فصول ماضيها في مشاهد منفصلة)، التي هي الآن زوجة ثائر شيوعي. يفترقان، ويعود يوري للاهتمام بسلامة زوجته وابنه بعد احتلال منزله، لكنه يدرك أن عليه أن يسعى للقاء لارا مرّة ثانية. كل هذا على خلفية الثورة الشيوعية، والحرب الأهلية التي تبعتها، والحرب العالمية الثانية.
لكن «دكتور جيفاكو» ليس فيلماً حربياً، بل عاطفي جيد في نواحيه الإنتاجية. وفي صنع الصورة الكبيرة وما تتطلّـبه من عناصر فنية، وشروط إنتاجية مختلفة. جيّـد أيضاً في إحاطته الشاسعة بحقبة تاريخية جعلها ديفيد لين الوعاء والغطاء معاً. لكنّه أقلّ جودة حين يصل الأمر إلى ما انتقاه من رواية بوريس بسترناك (المنشورة سنة 1957)، وما قرّر تغييبه، ما يجعل الفيلم يبدو كما لو كان عبارة عن فصول ومواقع. يبدو الفيلم كذلك كما لو أنه افتقد اتجاهات أضمرها في البال، ولم يحققها على الشاشة.
المخرج ديفيد لين أثناء تصوير الفيلم
دكتور جيفاكو.. ما وراء الكاميرا
دافع المخرج لين عن اختياره كلاً من جولي كريستي بقوله: «هي أجمل ممثلة في العالم»، وعمر الشريف بقوله: «خامة ممتازة وموهبة شرقية تصلح لأي دور من مخرج متمكن».