هناك تعبير مستوحى من لعبة الورق الشهيرة، التي توصف بأنها «من وسائل الترفيه للأرستقراطيين»، يطلق عليه «وجه البوكر»، (Poker Face) المأخوذ من اسم اللعبة، وهذا الوجه يكون عادة وجهاً صلباً، أو عديم الملامح، أو فلنقُل التعابير، وهذا لا يعني أن كل لاعبي البوكر يتّصفون بهذا النوع من الوجوه، وإنما هو مهارة تتشكل لديهم بمرور الوقت، بالحرص على ألا تُظهر تعبيرات وجوههم، في فترة اللعب، ارتياحهم، أو توتّرهم، لأنها تنبّه الخصم المشارك معهم في اللعبة، إلى نقاط تفوّقهم، أو العكس، ما يجعله يُكيّف أداءه في اللعب، تبعاً لما قرأه من ملامح الشريك/ الخصم. وفي كلمات مُختصرة، على لاعب البوكر اكتساب انضباطٍ يُمكّنه من إخفاء التعابير، على أنواعها، عن وجهه، وإن كان هذا وحده ليس كافياً لنجاح اللعبة، فقد يتعيّن أيضاً مراقبة الإيماءات، والسلوك، ونغمة الكلام، وسواها من تفاصيل.
وبعيداً عن محاولة التحكّم في تعابير الوجه، فإن لجميع الناس ملامح متفاوتة، نستطيع، في حالات كثيرة، أن نشكّل انطباعاً أوليّاً عن طِباع أصحابها، وما أكثر ما نقول عن أحدهم إن وجهه مريح، ونقول عن آخر العكس: «هذا الإنسان حتى من وجهه يبدو غيرَ مريح»، من دون أن ندرك السبب، بخاصة أن مثل هذه الانطباعات أوليّة، لم تُختبر بعد في الحياة، فقد يتكشّف خطأها.
قبل سنوات طويلة، أثارت صحيفة أجنبية نقاشاً عمّا إذا كان الشكل الخارجي، المظهر العام للرجل أو للمرأة، عاملاً في اختيار الشراكة الزوجية، أو العاطفية. وتتساءل هذه الصحيفة عن مغزى تلك الحال التي نرى فيها امرأة فاتنة متزوجة من رجل لا يتمتع بقدرٍ كافٍ من الوسامة، وقد يكون دميماً أيضاً. ومع أن ما يتبادر إلى الذهن في هذه الحال أن هذا الرجل قد يكون غنياً، أو صاحب ثروة، إلا أن هذه الانطباع سريع وسطحي، وأن انجذاب امرأة فاتنة إلى رجل غير وسيم يخضع لأسباب نفسية عميقة لا تدركها حتى المرأة نفسها، ولكن يبقى أن الشريك، رجلاً كان أو امرأة، ينشد في شريكه أن يكون حنوناً، حسن المعشر، ويعتمد عليه في مواجهة أعباء الحياة.
نحن اليوم إزاء دراسة جديدة منسوبة إلى بعض علماء النفس، تقول إن الأشخاص الذين لديهم حواجب داكنة، وثخينة، ومحددة جيداً، ربما يخفون سمة شخصية أقرب إلى النرجسية، ولديهم إعجاب مفرط بأنفسهم، ووجدت الدراسة أدلّة تشير إلى أن الناس قد يكونون قادرين على التنبؤ بدقة، بما إذا كان شخص ما، نرجسياً مغروراً، بناء على هذه الملامح، وهذا عائد لأسباب نفسية، بينها ما مرّ به هؤلاء من تجارب سلبية وقاسية في طفولتهم.