22 فبراير 2024

Animal.. ثلاثة رشاشات و300 قتيل وفيلم "سخيف"

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

Animal.. ثلاثة رشاشات و300 قتيل وفيلم

ما زالت السينما البوليوودية منتشرة ولو على حساب أي قيمة فنية فعلية. فيلم Animal، إخراج سانديب رَدي فانغا- الهند 2024، هو واحد من عدة أفلام جديدة، تتمحور حول البطل الذي لا يتوقف عن القتل إرضاء للجمهور.

Animal.. ثلاثة رشاشات و300 قتيل وفيلم

تَعد البداية بذاتها بأن الفيلم سيئ. بعد ذلك أكثر سوءاً من المتوقع. يود الفيلم في تلك البداية وضع المُشاهد في جو حميمي.. بطل الفيلم فيجاي، ولد صغير متيّم بأبيه. وتريد الكاميرا أن تثبت ذلك بمشهد نرى فيه الصبي وهو يركض بنظام «السلوموشن» مسافة طويلة، ما يذكّر ببعض تلك الإعلانات التي تستخدم عدائين رياضيين لتبيع مشروبات مثلجة.

حين يصل الصبي إلى سيارة العائلة (مرسيدس 2022) يجلس إلى جانب السائق، تلحق به شقيقتاه (تركضان على نحو عادي، ربما لأنهما تحبّان والدهما أقل؟)، وتنطلق السيارة إلى البيت. يركض إلى أمه ويسألها عن أبيه. في ظروف كهذه، إما أن الصبي لا يعرف أن والده لديه عمل يؤديه بعيداً عن البيت، وإما أن فيجاي حطّ للتوّ في مطار دلهي آتياً من جنوب أفريقيا، مثلاً، متوقعاً أن يجد والده في البيت.

هذه ليست ملاحظات عن أخطاء صغيرة. كل تركيبة الفيلم تعاني الخلل، والمقدّمة كذلك.

Animal.. ثلاثة رشاشات و300 قتيل وفيلم

سيكبر الصبي، ويصبح الممثل رانبير كابور، وسيعود من سفر فعلي، ليجد أن أعداء أبيه على وشك الفتك به، وبثروته. يخبره والده أن يغفر ويسامح، لكن لابد أن الأب لم يقرأ السيناريو كاملاً، فلو سمع ابنه النصيحة لما كان هناك هذه الأوبرا العنيفة عن الانتقام والقتل.

حين ذكر القتل يداهمك مشهد ثلاثة رشاشات فوق دراجة نارية. رشاش ضخم، وبجانبيه رشاشين أصغر حجماً، والثلاثة تطلق الرصاص بلا انقطاع. هذا فيجاي يركب تلك الدراجة ويداه على القيادة، لكن الرشاشات تعمل آلياً. لابد أنه اختراع متقدّم لم نسمع به، لكنه سينتشر في مناطق النزاع العسكرية حول العالم.

تستطيع مثلاً، أن تشغّل هذه الرشاشات وأنت تأكل طعام الغداء، أو بينما تلعب الشطرنج مع جارك، وربما تتركها تعمل (إذ لا ينتهي الرصاص منها)، وتتوجه إلى فراشك ليلاً، ريثما تقوم هي بقتل الأعداء وتأمين حياتك.

Animal.. ثلاثة رشاشات و300 قتيل وفيلم

يقتل بطل الفيلم في مشهد آخر مئات الناس. وتريد أن تسأل نفسك هنا لا عن المعقولية (فهذه خرجت من نافذة مفتوحة)، بل عن كيف يمكن لفيلم غير علمي، وغير فضائي، ولا يمتّ إلى فن الغرائبيّات أن يصوّر مشهداً مغالى في حجمه، ومفاده إلى هذه الدرجة؟

طبعاً هي رغبة المخرج في تتويج الفيلم بأعلى مستوى ممكن من العنف، تأميناً لنجاحه بين العامّة، وهذا ما تحقق له، إذ تربّع، في الشهر الماضي، على قائمة أعلى الإيرادات. لكن دوماً هناك اختيارات، بعضها يستطيع الدمج بين ما هو فن، وما هو تجارة. الواضح أن المخرج يعلم ذلك، لكنه يفسّر الفن على أنه مهارة استخدام التقنيات فقط. وهو ليس الوحيد في ذلك.